ثم قَالَ المُفَسِّر رَحَمَهُ الله:[هادٍ مِنَ الضَّلالةِ]. ومعلوم أن هُدى مَصْدَر، وأن هادٍ اسمُ فاعل، فيَكُون المُفَسِّر هنا فسَّر المصدرَ باسمِ الفاعلِ، وَفِي تفسير نظرٌ؛ لِأَنَّ الأَولى أن يُجْعَل المصدر عَلَى بابه؛ لسببينِ:
السَّبَب الأول: أن تحويل اسْم الفاعل إِلَى المصدر أبلغُ، فإنَّك إذا قلتَ: فلان عَدْلٌ، وفلان عادلٌ، أيُّهما أبلغ؟ عَدْلٌ أبلغُ، يَعْنِي كأنه مصدر العَدْل، لكِن (عادل) متَّصِف بالعدلِ الموجودِ فِي غيرِه، فلَا شَكَّ أن المصدر أبلغُ.
السَّبَب الثاني: أن جعله هدًى معناه: أن الْقُرْآن نفسه هُدًى يَهتدِي به الْإِنْسَان، لَيْسَ هاديًا، بل هُوَ هُدًى يَهتدي به، فَهُوَ كالعَلَمِ الَّذِي يسير الْإِنْسَان وراءهُ حَتَّى يَصِلَ إِلَى غايته، مثلما سمَّاه الله تَعَالَى نُورًا، قَالَ تَعَالَى:{وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُبِينًا}[النساء: ١٧٤].
قوله:{هُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ} بُشرى أيضًا بمعنى: بِشارة، وقَالَ المُفَسِّر رَحَمَهُ الله: [{لِلْمُؤْمِنِينَ} المصدِّقين به بالجنَّة].