بَعْد الأَمْرِ بالقتالِ، فَهُوَ مُنْذِر لكِن هَذَا الإنذار لا يَقتضي ألَّا يقومَ بما يَجِب عليه منَ الجهادِ، يَقُول: أنا مُنْذِرٌ فليسَ عليَّ هُدَاكم، وهداكم عَلَى اللهِ سُبحَانَهُ وَتَعَالى، وَأَمَّا مسألة الأَمْر بالقتالِ فهَذَا شيءٌ يمكِن حَتَّى مَعَ هَذَا القَوْلِ.
فالصَّوابُ فِي هَذِهِ المسألة: أن الآيَةَ محُكمَة، وغيرها من أمثالها محُكم، ولا يَجُوزُ دَعْوَى النسخِ فيه؛ لِأَنَّ مِن أهمّ شروطِ النسخِ تَعَذُّر إمكانِ الجمعِ، وإذا أمكنَ الجمعُ فلا نسخَ؛ لِأَنَّ النسخَ -كما تَقَدَّم- هُوَ عبارةٌ عن إبطالِ مدلولِ الآيَةِ أو الحديث، وهَذَا أمرٌ لَيْسَ بالهيِّن، فمعنى نسخ الحديثِ أن يأتيَ حديثٌ ونَضْرِب عليه!
لَوْ قَالَ قَائِل: هل من شروطِ النسخِ وجودُ قرينةٍ تدلُّ عليه؟
فالجواب: هَذَا لَيْسَ بشرطٍ، المهمُّ إذا تَعَذَّرَ الجمعُ وعُلِمَ التاريخُ فالمتأخِّر ناسخٌ.
يقول: {إِنَّمَا أَنَا مِنَ الْمُنْذِرِينَ} هل هِيَ بالكسرِ أو بالفتحِ؟
الجواب: بالكسرِ؛ لِأَنَّهَا اسمُ فاعلٍ، فَهُوَ منذِر، والنَّاس مُنْذَرُون.
[من فوائد الآية الكريمة]
الْفَائِدَة الأُولَى: وُجُوب تلاوةِ الْقُرْآنِ بِنَوْعَيْهِ، والنوعانِ هما: اللفظيّ والعَمَليّ، فواجبٌ عَلَى المرءِ أنْ يَتْلُوَ الْقُرْآنَ تلاوةً لفظيَّةً وعمليَّة، سواء عن ظهرِ قلبٍ أو نَظَرًا.
الْفَائِدَة الثَّانِيَةُ: فَضيلة الْقُرْآن وشَرَفه، حَيْثُ كَانَ مأمورًا بتلاوتهِ.
الْفَائِدَة الثَّالِثَةُ: وجوبُ تحكيمِ الْقُرْآن؛ لِقَوْلِهِ: {وَأَنْ أَتْلُوَا الْقُرْآنَ}.
الْفَائِدَة الرَّابِعَةُ: وجوبُ تبليغِ الْقُرْآنِ عَلَى النَّبِيِّ عَلَيهَ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ؛ لِقَوْلِهِ: {وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ (٩١) وَأَنْ أَتْلُوَ الْقُرْآنَ}.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute