فإن قيل: أليس الله تَعَالَى يَقُول: {فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ}[النِّسَاء: ٨]، ويقول تَعَالَى:{وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا}[النِّسَاء: ٥].
إِذَنْ نَقُول: كيف أنَّ الرزقَ منَ اللهِ ولا أحد يرزق إِلَّا الله؟ !
قلنا: ربَّما نَقُول: إنَّ الرزقَ العامّ غير الخاصّ، لكِن حَتَّى الخاص لَيْسَ رزقًا مستقِلًّا، إِنَّمَا هُوَ بالسَّبَب، ولهَذَا الجواب الذي لا يَخْرُجُ عنه شيءٌ أنْ نَقُولَ: إن إضافةَ الرِّزق إلى المخلوقِ من بابِ إضافةِ الشَّيْء إلى سببِهِ، ولهذا قَالَ الله تَعَالَى:{وَمَنْ لَسْتُمْ لَهُ بِرَازِقِينَ}[الحجر: ٢٠]، فيَكُون هنا إضافة الرزقِ إِلَى العبدِ من بابِ إضافةِ السَّبَب إِلَى مُسَبِّبه.
كذلك أيضا أنتَ لا ترزق نفسَكَ، حَتَّى نفسك لا ترزقها، ولهَذَا تجد أَشطرَ النَّاس وأجودهم فِي البيعِ والشراءِ وأذكاهم وأشدَّهم مكرًا وحيلةً تجده أحيانًا من أفقرِ النَّاسِ، وتجد الْإِنْسَان الأبلَهَ الَّذِي لا يُحْسِن أيَّ شيءٍ يَكُون عنده أموالٌ عظيمةٌ، والله تَبَارَكَ وَتَعَالَى يُعطِي فضلَه مَن يشاء.
الْفَائِدَة الثَّالِثَةُ: أن الرزق منَ السَّمَاء بالمطرِ ومنَ الْأَرْضِ بالنباتِ؛ لِقَوْلِهِ:{وَمَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ}، أو السَّمَاء ما عَلَا من الأشجار، والْأَرْض ما نزل