للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ} [هود: ١١٨ - ١١٩]، هَدا ابتداءً، ثانيًا {وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ} [هود: ١١٩]، هَذَا الغاية؛ إذ لو لم يكنْ مؤمنٌ وكافرٌ فلا تتمُّ كلمةُ الله بملءِ جَهنَّم.

الْفَائِدَةُ السَّادِسَةُ: وقوعُ الخِصام بين المُؤْمِنِينَ والكَافِرِينَ، وَأَنَّهُ أمر لَا بُدَّ منه (١)، حَتَّى إنَّهُ ربما يصل هَذَا الخصام إِلَى الصدامِ المسلَّح، وهَذَا واضح؛ لِقَوْلِهِ: {فَإِذَا هُمْ فَرِيقَانِ يَخْتَصِمُونَ}، وقال تَعَالَى فِي هَذِهِ الأُمَّة: {هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ} [الحج: ١٩]، فالخصامُ لَا بُدَّ منه مَعَ أعداءِ الرُّسُلِ وأولياءِ الرُّسُلِ، وربما يصل ذلك إِلَى اصطدامِ مسلَّح والقتال وهَذَا أمرٌ مُشاهَدٌ.

الْفَائِدَةُ السَّابِعَةُ: أن كُلّ متصدٍّ للدعوةِ إِلَى اللهِ فلا بد أن يجدَ خُصُومًا؛ لِأَنَّهُ إذا كانت الدَّعْوَة فِي ابتدائها مَعَ مَن جاء بها وَهُوَ الرَّسُول - صلى الله عليه وسلم - تُلاقِي ذلكَ، فما بالُك بانتهائها، وقوله تَعَالَى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ} [الفرقان: ٣١]، قد نتوسع فِي معناه ونَقُول: لكل نبيٍّ لا لشخص النبي، ولكِن لدعوة النبي، بدليل أن النَّبِيّ قبل أن يُبْعَث لم يكن له عدوٌّ، والرَّسُول - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يُسمَّى الأمينَ عند قريشٍ قبلَ أن يُبعَث، وكانوا يقدِّرونه ويعظِّمونه ويحبونه، وبعد أن بُعث وصار نبيًّا قامت الحرب بينهم وبينه.

إِذَنْ: يمكن أن نَقُول: إن قول الله تَعَالَى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ} [الفرقان: ٣١]، أي: من حَيْثُ الدَّعْوَةُ، وَعَلَى هَذَا فما بَقِيَتْ هَذِهِ الدَّعْوَة سوف يَكُون لها عدوٌّ من المجرمينَ.


(١) تنتهي المادة الصوتية للملف الثامن الوجه الثاني هنا، وما يتبع ذلك حتى نهاية الْفائدة الخْامسة من فوائد الآية (٤٦) لم أجده في المادة الصوتية التالية. وهو في المطبوع من عندهم.

<<  <   >  >>