للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[الآية (٨٦)]

* * *

* قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {أَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا اللَّيْلَ لِيَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (٨٦)} [النمل: ٨٦].

* * *

قال: {أَلَمْ يَرَوْا} الرؤيةُ هنا عِلمية وبَصَرِيَّة أيضًا، لكِنَّ كَوْنَها عِلْمِية أعمّ؛ لِأَنَّ مَن أبصرَ الشَّيْءَ عَلِمه، وَلَيْسَ كُلّ مَن عَلِمَ الشَّيْءَ أَبصره، فالأعمى يَرَى الليل يعني يَعْلَمه، والمُبْصِر يراه بعينِهِ وبَصيرتهِ.

والهمزةُ فِي قوله: {أَلَمْ يَرَوْا} للتقرير؛ تقرير هَذه الرؤية الَّتِي لا يُنْكِرها أحدٌ.

قَالَ المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ: [{أَنَّا جَعَلْنَا اللَّيْلَ} خَلقنا، ، فسَّر المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ الجَعْلَ هنا بالخلق، فيَكُون متعدِّيًا بمَفْعُول واحم، ويجوز أن يَكُونَ الجَعل هنا بمعنى التصييرِ، يَعْنِي أَنَّا جَعَلْنا الليلَ مُظْلِمًا لِيَسْكُنُوا فيه، ويدلُّ عَلَى هَذَا قولُه تَعَالَى الَّذِي بعده.

قَالَ المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ: [{وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا} ليَتَصَرَّفوا فيه]، وَيكُون حُذِفَ من كُلّ جملة ما دَلَّ علي المذكورُ فِي الجملةِ الأُخْرَى، وُيسمَّى هَذَا فِي علمِ البديعِ بالاحتباكِ، والاحتباكُ أنْ يذكر فِي كُلّ جملةٍ ما حُذِفَ من الأُخْرَى مَعَ التقابُلِ.

هنا نَقُول: {أَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا اللَّيْلَ} مُظْلِمًا {لِيَسْكُنُوا فِيهِ} الَّذِي حُذِفَ من هَذَا (مُظْلِمًا)، ذكر مقابله: {مُبْصِرًا}، وحذف من قوله: {وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا}: ليَتَصَرَّفُوا فِيهِ، وذكر فِي مقابله: {لِيَسْكُنُوا فِيهِ}، فيَكُون فِي الجملةِ احتباكٌ، وبهَذَا نكون قد

<<  <   >  >>