توفيقِ اللهِ، وأنهم بدون توفيقِ اللهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى ما يسيرون سيراً يرضي الله، لِقَوْلِهِ:{وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ}.
الفَائِدَةُ السَّابِعَةُ: أَنَّ الْإِنْسَانَ لا يَصِلُ إِلَى غايتِهِ ومقصوده إِلَّا برحمةِ اللهِ فِي كُلّ شيءٍ؛ الجنَّة وغير الجنَّة؛ لِقَوْلِهِ:{وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ}[النمل: ١٩]، يَعْنِي: إذا لم يَرْحَمْكَ اللهُ لنْ تنالَ شيئا أبدًا.
الفَائِدَةُ الثَّامِنةُ: أَنَّ العَمَلَ غيرَ الصالحِ لَيْسَ فِيهِ فائدةٌ، بل هُوَ دائرٌ بين أمرينِ: إمَّا الإثم، وَإمَّا السلامة فقطْ، فإن صدرَ عن علمٍ فَهُوَ إثمٌ، وإنْ صدرَ عن جهلٍ فالْإِنْسَانُ سالمٌ، ولكِن لا فائدةَ له فيه، كما لو صلَّى الْإِنْسَان مثلاً صلاةً باطلةً بِحَدَثٍ، فَإِنَّهُ إنْ تَعَمَّدَ ذلكَ كَانَ آثمًا، وإن كَانَ جاهلًا لم تُفِدْهُ فِي إبراءِ الذمَّة، ويُطالَب بإعادتها، أَمَّا الأجرُ فقد يُؤْجَر عليها من أجلِ النيَّةِ والعَمَلِ الَّذِي حَصَلَ والمشقَّة، ولكِن من حيث الفائدة لا يستفيد مِنْهَا فِي إبراءِ ذِمَّته ولا تَسْقُط عنه.
الفَائِدَةُ التَّاسِعَةُ: أَنَّ الغايةَ الَّتِي يَسير إليها الأَنْبِياء ومَن تَبِعَهم هُوَ رضا الله؛ لِقَوْلِهِ:{وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ}؛ لِأَنَّ المقصودَ من عملِ الْإِنْسَانِ الوصولُ إِلَى رضا اللهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، بل إن رضا اللهِ غايةٌ فوقَ كُلّ شيءٍ، قَالَ الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فِي امتداحِ المُؤْمِنيِنَ: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (٧١) وَعَدَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ} [التوبة: ٧١ - ٧٢]، يعني أكبر من كُلّ شَيْء، وإذا حل عَلَى الْإِنْسَان رضا الله فهَذَا غاية ما يريدُ.