إِذَا قَالَ قَائِلٌ: مَقامُ النبوَّة أعلى من مقامِ الصلاحِ، قَالَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى:{فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ}[النِّسَاء: ٦٩]، فكيف سأل الله أنْ يُدْخِلَه فِي عبادِهِ الصالحينَ مَعَ أَنَّهُ نبيٌّ أعلى مرتبةً من مرتبةِ الصلاحِ؟
قُلْنَا: الأقربُ أَنَّ المُراد بالصلاحِ هنا الصلاحُ المطلَقُ، والصلاح المطلَق هَذَا أعلى مرتبةً، وقد قَالَ يوسف عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلامُ:{تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ}[يوسف: ١٠١]، وقَالَ اللهُ تَعَالَى عن إبراهيمَ:{وَآتَيْنَاهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ}[العنكبوت: ٢٧]، فالمُراد هنا الصلاحُ المطلَقُ، لا الصلاحُ الَّذِي يُذكَر مَعَ المراتبِ، فإن مقام الصلاحِ مَعَ المراتبِ دونَ مَقام النبوَّة.
الفَائِدَةُ الثَّالِثَةَ عَشْرَةَ: أن العِبادَة مَرْتبَةٌ شَريفة عظيمة يَسْأَلهُا حَتَّى الأَنْبِياء؛ لِقَوْلِهِ:{فِي عِبَادِكَ} ولهَذَا يذكر الله تَعَالَى نبيه مُحَمَّدًا - صلى الله عليه وسلم - بوصف العُبُودِيَّة فِي أعلى مقاماته؛ عند إنزال الْقُرْآن، وعند الدفاع عنه .. ومَا أَشْبَهَ ذَلِكَ.