للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

آفاقِ الفضاءِ هم الَّذِينَ صَنَعُوا ما يدمِّر الخلقَ منَ القنابلِ والأسلحةِ، فهل هَذَا محمود؟ !

ثم نَقُول: هَذِهِ العلومُ إذا كانت لا تنافي العلمَ الشرعيَّ فنحن نتمنى أن المُسلِمين أيضًا يصلون إِلَى هَذِهِ الأُمُورِ لِيَنْفَعُوا أنفسَهم وينفعوا الخلقَ.

الْفَائِدَةُ الْخَامِسَةُ: فضيلة داود وسُلَيْمَان أيضًا من جهةِ اعترافهما بنعمةِ اللهِ وقيامِهِمَا بشكرِ نعمةِ اللهِ؛ لِقَوْلِهِ: {وَقَالَا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَنَا} لم يَقُولا: إننا أُوتِينا هَذَا عَلَى علمٍ منَّا، أو لأنَّنا أذكياء أو مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، قالا: {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَنَا عَلَى كَثِيرٍ مِنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ}.

الْفَائِدَةُ السَّادِسَةُ: أن الشكر يَكُونُ بالقَوْلِ كما هُوَ أيضًا بالفِعْل، فيَكُون بالقَوْلِ وبالفِعْل، وَيكُون أيضًا بالعقيدةِ، أي: بالاعتقادِ، فالشكرُ له ثلاثةُ مَحَلَّاتٍ: القَلْب واللسانُ والجوارحُ، قَالَ الشاعر (١):

أَفَادَتْكُمُ النَّعْمَاءُ مِنِّيْ ثَلَاَثةً ... يدي وَلِسَانِي وَالضَّمِيْرَ المُحَجَّبَا

والدَّليلُ عَلَى أن الشكرَ يَكُون فِي ثلاثةِ مواضعَ: فِي هَذِهِ الآيَةِ الشكرُ باللسانِ، وقال النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - وقد قيل له: كَيْفَ تَفْعَلُ هَذَا - وَكَانَ يَقُومُ حَتَّى تَتَوَرَّم قَدَمَاهُ - وَقَدْ غَفَرَ اللهُ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ، فَقَالَ: "أَفَلَا أُحِبُّ أَنْ أَكُونَ عَبْدًا شَكُورًا؟ " (٢) فجعلَ الفِعْل شكرًا للهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، وقال تَعَالَى: {اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا} [سبأ: ١٣].


(١) نهاية الأرب (٣/ ٢٤٨).
(٢) رواه البخاري، كتاب التفسير، باب قوله: {لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا}، حديث رقم (٤٥٥٧)؛ ومسلم، كتاب صفة القيامة والجنة والنَّار، باب إكثار الأعمال والاجتهاد في العبادة، حديث رقم (٢٨٢٠)، عن عائشة - رضي الله عنها -.

<<  <   >  >>