للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هَذَا إحضارُه، ولكِن يحتاج إِلَى تأكيدٍ لهَذَا الأَمْر، أي تأكيد كونه يُحْضِره قبل أن يقوم من مقامه، فقال: {وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ}، ولستُ بضعيفٍ، بل سوف أُحْضِره بهَذه السرعة، وأيضًا {أَمِينٌ} أي: لا أَخُون فِيهِ شيئًا، لا عَلَى نفس العَرْش ولا عَلَى نفس ما فِيهِ من الجواهرِ وغيرها.

وهَذَان الوصفان يَحتاجُ إليهما كُلّ عاملٍ، كما قَالَ الله تَعَالَى عن بنتِ صاحبِ مَدين: {إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ} [القصص: ٢٦]، وهَذَانِ الوصفانِ مطلوبانِ فِي كُلّ عملٍ، لِأَنَّهُ إذا فاتتِ الْقُوَّة لم يَحْصُلِ العَمَلُ، من أجلِ العجزِ، وإذا وُجدت الْقُوَّة ولكِن فاتت الأمانة فَإِنَّهُ أيضًا يتخلفُ العَمَلُ بسبب الخيانةِ.

قَالَ المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ: [قال سُلَيمَان: أُريد أسرع من ذلك]، قَالَ هَذَا سُلَيمَان، لكِن هَذَا لا دليلَ عليه.

[من فوائد الآية الكريمة]

الْفَائِدَةُ الْأُوْلَى: تسخير الجنّ لسُلَيمَان؛ لِقَوْلِهِ: {قَالَ عِفْرِيتٌ مِنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ} هُوَ أوَّل مَن تكلَّم.

الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ والثَّالثةُ: قوَّة الجنّ؛ لِأنَّهُ سوف يأتي بهَذَا العَرْش العظيم يحمله من سبأ من اليمنِ إِلَى الشامِ، وأيضًا فِيه دليل عَلَى سُرعتهم، وهي من أوصاف الْقُوَّة؛ لِقَوْلِهِ: {قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقَامِكَ} وهَذِهِ سرعة فائقة وعَظيمة، ومعلومٌ أَنَّهُم عندهم سرعة عظيمة؛ بدليلِ أَنَّهُم يَسْتَرِقُونَ السَّمْعَ منَ السَّمَاءِ، ولا يصل إِلَى السَّمَاء إِلَّا كَانَ مَن عنده سرعةٌ هائلةٌ عظيمةٌ.

الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةُ: أَنَّهُ يجوزُ للإِنْسَانِ أنْ يَصِفَ نفسَه بما اتَّصف به من صفات

<<  <   >  >>