قُلْنَا: إذا قَيَّدْتَ فهي عَلَى حسَب ما قيّدت به، يعني يصحّ أن تقول:(سُبُل الخير)، وَيكُون المُراد بذلك الفروع الموصلة إِلَى الخير، فالإِسْلام كما أَنَّهُ كله سبيلٌ واحدةٌ فَهُوَ كذلك -أيضًا- ذو شُعَب، وقد ثبتَ عن النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ قَالَ:"الْإِيمَانُ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ شُعْبَةً"(١)، فَهُوَ ذو شُعَب، فهَذَا معنى قوله:{سُبُلَ السَّلَامِ}[المائدة: ١٦].
ثُمَّ إنَّهُ مما يُزيل الإشكالَ أَنَّهَا أُضيفت إِلَى السلامِ، ولم يقل:(السبل)، فعُلِمَ أن المُرادَ بذلك فُروعُ الخيرِ.
الفَائِدَةُ التَّاسِعَةُ: إذا زُيِّنَ للإِنْسَانِ سُوءُ عَمَلِه فصدَّ بذلك عنِ السبيلِ -والعياذ بالله سُبحَانَهُ وَتَعَالى- فَإِنَّهُ لا يَهتدِي؛ لِقَوْلِهِ:{فَهُمْ لَا يَهْتَدُونَ}[النمل: ٢٤].
وهَذَا هُوَ البلاءُ أنَّ الْإِنْسَان يرى القبيحَ حَسَنًا، فهَذَا لا يكادُ يُقْلِع، لكِن مَن كَانَ يرى القبيحَ قَبيحاً فَإِنَّهُ يمكنه أن يُقْلِع، ولذلك تجدون الْآنَ مثلَ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ يَتعاملون بالحِيَل: الحيل الربويَّة وغير الربويَّة ومن المحرَّمات، لا يكادون يُقْلِعُونَ
(١) رواه البخاري، كتاب الإيمان، باب أمور الإيمان ... ، حديث رقم (٩)؛ مسلم، كتاب الإيمان، باب بيان عدد شعب الإيمان وفضلها وأدناها ... ، حديث رقم (٣٥)، عن أبي هريرة - رضي الله عنه -.