الفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ: جواز الاختبارِ والامتحانِ وأن ذلك لا يُعَدّ خديعةً إذا أراد الْإِنْسَان أن يمتحنَ غيرَه بشيءٍ منَ الأَشْيَاء؛ لِأَنَّهُ يريد أن يَستظهرَ به حاله، وهَذَا لا مانعَ منه.
الفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ: العَمَل بالقرائنِ؛ لِأَنَّهَا أرادتْ أن توصل هَذِهِ الهَدِيَّةَ لتختبرَ مرادَ سُلَيْمَان هل يريد المالَ فقطْ فتكفيه هَذِهِ الهَدِيَّة، أو يريدهم أَنْ يُسلموا فلا تنفع فِيهِ هَذِهِ الهَدِيَّة، ولا يكفّ عن طلبه الأوَّل، وَهُوَ قوله:{أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ}[النمل: ٣١]، ففيها إذن ثلاث فوائد. وهل ورد مثل ذلك؟
نعم، فِي قِصَّة سُلَيْمَان فِي المرأتينِ اللتينِ احتكمتا إليه فِي ابنِ إحداهما، خرجت امرأتان إِلَى خارج البلد ومع كُلّ واحدة ابن لها، فأكل الذئب ابن الكبرَى، فاحتكمتا إِلَى داود عَلَيهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ فقضى بالابن الموجود للكبرى بناءً عَلَى أن الصغرى يمكنها أن تلدَ فيما بعدُ، ولكِن لما تحاكمتا إِلَى سُلَيْمَان عَلَيهَ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ قَالَ: لَيْسَ هَذَا الحكم، إنما الحكم أن نأتيَ بالسكِّين ونشقّ الولد نصفينِ فيَكُون للكبير نصفه وللصغيرةِ نصفه، فالكبيرة وافقت عَلَى أَنَّهُ يشقّ نصفينِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ ولدًا لها، وتقول: مثلما تلِف ابني يتلَف ابنها، وَأَمَّا الصغيرة فقالت: لا يا نبيَّ الله. فعلم بذلك أن الولد للصغرى