كما قَالَ فِي الأول:{أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ}[النمل: ٣١]، فَإِنَّهُ حينئذٍ لن يقبلَ الهَدِيَّةَ؛ لِأَنَّ الَّذِي يدعو إِلَى الله وإلى الإِسْلام لا يمكن أن يَقْبَل هديَّةً عَلَى حسابِ ما دعا إليه أبداً. وَأَمَّا مسألة النبوَّة وعدمها فاللهُ أَعْلَمُ بهَذَا، فلا نجزِم بما قَالَ المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ، بل نَقُول: إنَّهَا تريد أن تَخْتَبِرَهُ، فإذا كَانَ يريد دنيا فالهديَّة تمنعه من قِتالها، وإذا كَانَ لا يريد دنيا وإنما يريد أن يسلِموا فالهَدِيَّة لا تمنعه.
قَالَ المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ:[فأرسلتْ خَدَمًا ذكورًا وإناثًا]، الآن يبين المُفَسِّر الهديَّة، ثم قَالَ:[ألفًا بالسويَّةِ، وخمسمائة لَبِنَة من الذهب، وتاجًا مُكَلَّلًا بالجواهر، ومِسكًا وعنبرًا وغير ذلك مَعَ رسولٍ بكتاب].
التعيين هَذَا لا دليلَ عليه؛ ولهَذَا نَقُول: إنَّهَا هديةٌ كبيرةٌ بلَا شَكّ، ويدل عَلَى كِبَرِها أن الَّذِينَ أُرسلوا جماعة، أَمَّا تعيينها بهَذَا الأَمْرِ فهَذَا لا نَجْزِم به، فإن كَانَ واردًا عن بني إسرائيل فَإِنَّهُ منَ الأخبارِ الَّتِي لا تُصَدَّق ولا تُكَذَّب.