للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يَطَؤُهُمُ النَّاسُ بأقدامهم (١)، ولكِنَّهم إذا دَخلوا النَّار يَكُون ضِرْسُ الواحدِ منهم مثلَ أُحُدٍ (٢)، والعياذُ باللهِ.

[من فوائد الآية الكريمة]

الْفَائِدَة الأُولَى: {وَوَقَعَ الْقَوْلُ} أنَّ العذابَ قد حَقَّ عَلَى هَؤُلَاءِ، أو أن المَعْنى {وَوَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ بِمَا ظَلَمُوا} أَنَّهُ صَدَقَ القَوْلُ عليهم فلم يَستطيعوا الجوابَ، يعني لمَّا وُبِّخُوا بالتكذيبِ والعَمَلِ فقال: وقعَ القَوْلُ عليهم؛ أي: ما قيل لهم من هَذَا التوبيخِ صَدَقَ عليهم فلم يستطيعوا الدفاعَ، بَقِينا فِي قوله: {فَهُمْ لَا يَنْطِقُونَ} وهَذَا الوجهُ لم نَذْكُرْهُ لَكِنَّهُ فتحَ اللهُ به علينا، إنْ كَانَ حقًّا فالحمدُ للهِ وإلَّا فَنَسْتَغْفِر اللهَ.

{وَوَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ بِمَا ظَلَمُوا} أي: أن هَذَا القَوْل الَّذِي وُبِّخوا به صَدَقَ عليهم، ولهَذَا قَالَ: {فَهُمْ لَا يَنْطِقُونَ}؛ لِأَنَّ مَن وُبِّخ عَلَى أمرٍ لم يقعْ عليه يَستطيع أنْ يَنْطِق فيُدَافِع، لكِن هَؤُلَاءِ ما استطاعوا.

الْفَائِدَة الثَّانِيَةُ: إثبات السَّبَب؛ لِقَوْلِهِ: {بِمَا ظَلَمُوا}؛ لِأَنَّ الباء هنا للسببيَّة، وإثبات الأَسْبَاب هُوَ مَذهَب أهل السنَّة والجماعة، وأن الأُمُور مَقرونة بأَسْبابها.

يقولُ العَوَامّ: وقد قَالَ الله تَعَالَى: (وجعلنا لكلِّ شيءٍ سببًا)، وهَذَا لَيْسَ فِي الْقُرْآن، ولكِنه كقراءة بعضهم لما ذُكِرَ له الأعراب، قَالَ: ألم تَسْمَعْ قولَ اللهِ تَعَالَى فِي الأعراب: (سُود الوُجُوه إذا لم يُظْلَموا ظَلَمُوا) وهَذَا لَيْسَ من قولِ الله، لكِن أحيانًا


(١) رواه البخاري في الأدب المفرد، حديث رقم (٥٥٧)؛ والترمذي، كتاب صفة القيامة والرقائق والورع، باب، حديث رقم (٢٤٩٢)؛ وأحمد (٢/ ١٧٩) (٦٦٧٧)، عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده.
(٢) رواه مسلم، كتاب الجنة وصفة نعيمها وأهلها، باب النَّار يدخلها الجبارون والجنة يدخلها الضعفاء، حديث رقم (٢٨٥١)، عن أبي هريرة - رضي الله عنه -.

<<  <   >  >>