للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[الآية (٢٦)]

* قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ} [النمل: ٢٦].

* * *

قَالَ المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ: [استئناف جملة ثنائية مُشْتَمِل عَلَى عرشِ الرحمنِ فِي مقابلةِ عرش بِلْقِيس، وبينهما بَونٌ عظيمٌ].

يَقُول هَذَا الهدهد: {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ}، وهَذَا كلمة التَّوحيدِ، والمُفَسِّر يَقُول: إنَّهَا جملةٌ استئنافيةٌ للثناءِ عَلَى اللهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى بما لا يَكُونُ لغيرِهِ، فالأوَّل: {يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ} هَذَا يَتَعَلَّق بتوحيدِ الرُّبُوبِيَّة، والثاني: {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ} بتوحيدِ الأُلُوهِيَّة، أي: لا معبودَ بحقٍّ سِوَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ -إذ هناك معبودات سِوَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ بغير حقٍّ- فإذن أثنى عَلَى اللهِ سُبحَانَهُ وَتَعَالَى بصفة الرُّبُوبيَّة وبصفة الأُلُوهِيَّة، وربما نَقول أيضًا: وبصفةِ الأسماءِ والصِّفَاتِ؛ لِأَنَّ توحيد الرُّبُوبِيَّة مُسْتَلْزِم للأسماءِ والصِّفَاتِ؛ إذ إنَّ التصرُّف فِي الخلقِ والتدبير والعِلم كُلّ هَذَا من الصِّفَات.

قوله: {رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ}: {رَبُّ} بمعنى صاحبِ العَرْش العظيمِ، أي: صاحبه، كما تقول: ربُّ الدابَّة، أي: صاحب الدابَّة، وقوله: {الْعَرْشِ} (أل) هَذِهِ للعهدِ الذِّهنيِّ، أي: العَرْش المعهود فِي أذهانِ الخَلْق العظيم، بخِلاف عرشِ بِلْقِيس، ولهَذَا قَالَ: {وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ} [النمل: ٢٣]، وهنا قَالَ: {الْعَرْشِ الْعَظِيمِ} بـ (أل)،

<<  <   >  >>