للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[الآية (٦٣)]

* * *

قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {أَمَّنْ يَهْدِيكُمْ فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَنْ يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ تَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ} [النمل: ٦٣].

* * *

يَقُول المُفَسِّر رَحِمَهُ اللهُ: [{أَمَّنْ يَهْدِيكُمْ} يُرْشِدُكُم إِلَى مَقَاصِدِكُم]، فالهداية هنا هداية دلالةٍ وتوفيقٍ؛ لِأَنَّ الْإِنْسَان قد يَكُون عارفًا وفاهمًا ولا يَهتدِي ولا يُوَفَّق، وَهُوَ كما يقولُ العوامُّ: (جِنّيّ)، وإذا كَانَ جِنِّيًّا صار لا يهتدي أبدًا، وَفِي الأسفارِ القديمةِ قبل أن تظهرَ الخطوطُ السودُ كَانَ النَّاس يَتِيهون، فإذا ساروا دارتْ رؤوسهم ولا يَستطيعون الوصولَ إِلَى مَقْصِدِهِمْ.

فبنو إسرائيل تاهوا فِي أَرْضِهِم أربعينَ سنةً، مَعَ أنَّ المسافةَ نِصف شهرٍ فأقلّ، وهم بَقُوا أربعينَ سنةً تائهينَ ما اهتدوا إِلَى السبيل.

فإِذَنْ: قَوْلُه: {يَهْدِيكُمْ} أي: يُرْشِدكم هدايةَ دلالةٍ وتوفيقٍ.

قَالَ المُفَسِّر رَحِمَهُ اللهُ: [{فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ} بالنُّجُوم ليلًا وبعلاماتِ الْأَرْض نهارًا]، ولو قَالَ المُفَسِّر: وبالشَّمْسِ نهارًا لكانَ أيضًا أَولى؛ لِأَنَّ علامات الْأَرْض إذا كَانَ البحرُ واسعًا وطويلًا تختفي ولا تظهر ولا تُرى إِلَّا ماء.

فإِذَنْ: أستدِلُّ فِي النَّهار بالشَّمْس، وبعضهم أيضًا يَستدِلّ بالرياحِ، حَتَّى الفقهاء ذكروا أَنَّهُم استدلوا للقبلةِ بالرياحِ؛ لِأَنَّهُم قَالُوا: إن كُلّ ريح بإذن اللهِ لها خاصِّيَّة

<<  <   >  >>