الْفَائِدَةُ السَّابِعَةُ: قوله: {أَعْمَالَهُمْ} فِيهِ نِسبة الأفعال للعبدِ، ففيه ردٌّ عَلَى الجَبرَّية؛ لِأَنَّ الجبرَّية لا يَنْسُبُون العَمَلَ للإِنْسَانِ إِلَّا عَلَى سبيلِ المَجاز؛ إذ إِنَّهُم يَرَوْنَ أنَّ الْإِنْسَان مُجْبَرٌ عَلَى العَمَلِ.
الْفَائِدَةُ الثَّامِنَةُ: أن هَؤُلَاءِ الَّذِينَ لا يؤمنون بالآخِرَةِ يَرَوْنَ أنَّ أعمالهم حَسَنَة، ولهذَا يُصِرُّونَ عليها، وقد قَالَ أبو سُفيان فِي أُحد: اعْلُ هُبَل.
لَوْ قَالَ قَائِلٌ: كونهم يرون أنَّ أعمالهم حسنة، ولهَذَا يُصِرُّون عليها ألَا يُشكِل عليه ما ذَكَرْناه من أَنَّهُم فِي حَيرة وقلقٍ؟
قُلْنَا: هم فِي حَيرة بالنِّسْبَة للإيمانِ بالآخِرَةِ، لكِن عندما يَستمِرُّون فِي هذه الأَعْمال يرونَ أَنَّهُم عَلَى حقٍّ، فَهُمْ يَعْمَلُون المَعاصِيَ وتُزين لهم وَيرَوْنَ أنَّهُ لا بأسَ بها، فالَّذِينَ يُرابون يَرَوْن أنَّ الرِّبا مصدر اقتصادي، وَأنَّهُ لا بأس به، والَّذِينَ يَلْعَبُونَ الشِّطْرَنْجَ يَقُولُونَ: هَذَا عَمَلٌ طيِّبٌ لِأنَّهُ يُنمِّي الفِكر والعقل، ومثلهم أصحاب السَّرِقَات وغَيرهم، المهمّ أن هَؤُلَاءِ متحيِّرون فِي أمرِهِم كلِّه، حَتَّى فِي أمرِ الآخِرَةِ ما عندهم يَقين، والواحد منهم يَزعُم أنَّ نتيجة هَذَا العَمَل السيِّئ بالنِّسْبَة لهُ حَسَنة، ولهذَا زين لهُ.
لَوْ قَالَ قَائِل: بعض أهل المَعاصِي يَعترِف أنهُ عَلَى خطأٍ، لكِن يَقُول: الله غَفور رحيم؟
قُلْنَا: هَذَا مُزَيَّن له، وَهُوَ من الرجاءِ فِي غيرِ مَحَلِّه، ومَن كَانَ يرجو اللهَ أنْ يَغفرَ له فِي غير محلِّه فهَذَا من سُوء العَمَلِ، فـ "الْعَاجِزُ مَنْ أتبَعَ نَفْسَهُ هَوَاهَا وَتَمنَّى عَلَى اللهِ" (١)
(١) أخرجه الترمذي: أبواب صفة القيامة والرقائق والورع، رقم (٢٤٥٩)، وابن ماجه: كتاب الزهد، باب ذكر الموت والاستعداد له، رقم (٤٢٦٠).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute