وهَذَا مَثَل كما قَالَ المُفَسِّر؛ لِأَنَّ الرَّسُول - صلى الله عليه وسلم - ما خرجَ إِلَى المقابرِ يَدعو أهلَ القبورِ حَتَّى يُقَال له:{إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى} وإنما دعا الأحياءَ.
وبالنِّسْبَةِ لدعاءِ الأحياءِ فإنَّ النَّاسَ انْقَسَمُوا فِي هَذِهِ الدَّعْوَةِ إِلَى قِسمينِ: قِسمٌ قَبِلَها واطمأنَّ إليها فَهُوَ حيٌّ، ولهَذَا قَالَ الله تَعَالَى فِي الْقُرْآن: {لِيُنْذِرَ مَنْ كَانَ حَيًّا وَيَحِقَّ الْقَوْلُ عَلَى الْكَافِرِينَ (٧٠)} [يس: ٧٠]، لِيَتَبَيَّنَ أن المُراد بالحياةِ هنا حياة القلبِ وحياة الإِيمان، لا الحياة الجسديَّة، لِأَنَّ مقابلة الشَّيْء بالشَّيْءِ تفيدُ، معناه {لِيُنْذِرَ مَنْ كَانَ حَيًّا} لَيْسَ حياةَ جسمٍ، لو كانت حياة جسمٍ لقال: ويحقّ القَوْل عَلَى الموتى، ولكِن قَالَ:{عَلَى الْكَافِرِينَ} وبهَذَا عرفنا أن كُلّ حياةٍ فِي مثل هَذَا السياق فالمُراد بها حياةُ القلب، لا حياة الجِسْم.
قوله:{إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى}: {الْمَوْتَى} جمع ميِّت، والمُراد به هنا ميِّت القلب، أو نَقُول: إن المُراد به ميِّت الجسدِ، ويَكُون هنا تشبيهًا؛ أي: أن هَؤُلَاءِ الَّذِينَ تدعوهم