إذا لم نتوصلْ إليهم إِلَّا بقطع نخيلهم جاز كما فعل النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - فِي بني النَّضِير.
فائدة: بيوت النمل تكون عميقة فِي الْأَرْض، ثُمَّ من عادة النملِ أيضا أَنَّهُ لا يبني البيوت إِلَّا فِي مكانٍ مرتفعٍ، وغالبًا أن الجند لا يأتون الأماكن المرتفعة ما دام يجدون السهلَ.
فالحاصل أن نَقُول: إذا لزِم من إحياء الْأَرْض قتل النمل فَإِنَّهُ لَيْسَ به بأسٌ؛ لِأَنَّهُ لم يكنْ مقصودًا، وإنما جاء ضرورةً لتناولِ أمرٍ مباحٍ لنا، بل كُلّ مؤذٍ، حَتَّى ابنُ آدمَ إذا آذاك وصالَ عليكَ ولم يَنْدَفِعْ إِلَّا بالقتلِ تَقْتُله، وَهُوَ أعظم حُرْمَةً من الحيواناتِ.
الفَائِدَةُ الرَّابِعَةُ: أن للحشراتِ نُطقًا؛ لِقَوْلِهِ:{قَالَتْ نَمْلَةٌ}.
الفَائِدَةُ الخَامِسَةُ: وفيه دليل عَلَى أن قولها أيضًا مسموعٌ يَسْمَعُه بنو جنسها؛ لِأَنَّهُ لو لم يَكُونوا يسمعونها لم يكن فِي قَوْلِها فائدةٌ، فهم يسمعون قولها، وقد يُسْمِعُهُ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى مَن يشاء.
الفَائِدَةُ السَّادِسَةُ: وفيه دليلٌ -استدلَّ الْعَامَّة بذلك- عَلَى أن كُلّ شيءٍ يَنطِق من قبلُ، وهَذَا لَيْسَ بصحيحٍ، ولكِنَّ الله تَعَالَى قد يُسْمِع الخلقَ نُطْقَ بعضِ الحيواناتِ؛ إمَّا آيَة أو كرامة، أو مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، أَمَّا العوامُّ فإنهم يَقُولُونَ: كُلّ شَيْء يتكلم، حَتَّى إن بعضهم يَقُول: الجصة تَتَكَلَّم، والجصة هِيَ مخَزنُ التَّمر، والظَّاهر أَنَّهُ سارقٌ كَانَ فِي الجصةِ وتكلَّم.
الفَائِدَةُ السَّابِعَةُ: ردُّ كلامِ المُفَسِّر فِي قولِه: إن النَّمْلةَ مَلِكة النمل؛ لِقَوْلِهِ:{نَمْلَةٌ} مُنكَّر، وَلَيْسَ بغريبٍ أن تكونَ نملةً من النملاتِ هِيَ الَّتِي قالت هَذَا.