قَالَ المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ:[أي: مرسلو الكتاب]، كأنها لا تريدُ القتالَ، تقول: لو قَاتَلْنَاهُمْ فإنَّ الغَلَبَة عليهم بعيدة، وستكون الغلبةُ لهم، وحينئذٍ يدخلونَ قُرانَا، والملوك إذا دخلوا قريةً أَفسدوها؛ لِأَنَّ عندهم من العُلُوّ والغَلَبَة والاستكبار ما يُوجِب أن يَفْتِكُوا بأهلِ البلدِ الَّتِي يَدْخُلُونَها، وَلَيْسَ المُراد هنا بالإفساد الإفساد المعنويّ، يَعْنِي: بإفساد الأخلاقِ مثلًا، المُرادُ ما أشارَ إليه المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ الإفسادُ بالتخريبِ، وجاء دورُ الجُمْهُورِيِّينَ فإذا هُوَ أشدُّ وأعظمُ؛ لِأَنَّهُم أقلُّ حياءً مِنَ الملوكِ، ليسَ لهم أصل، فتجد الْإِنْسَانَ يُنْتَخَب وَهُوَ من الشارعِ، لَيْسَ من الملأ ولا من أشرافِ النَّاسِ، فغالبهم لَيْسَ عندهم دِين ولا مُرُوءَة، فيفسدون أكثرَ مِمَّا يُفْسِد هَؤُلَاءِ، كما هُوَ مشاهَد فِي تخريبِ الرُّوس وغيرهم فِي البلادِ الَّتِي يَدْخُلُونها.
قوله:{وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا} بالأسرِ، يَأْسِرُونهم وَيسْتَرِقُّونَهم أو يَسْتَخْدِمُونَهم بدونِ أسرٍ ولا استرقاقٍ، وهَذَا من أبلغِ ما يَكُونُ مِنَ الذِّلَّة.