المتصلة معناها: أن تكون بينَ متعادلينِ، وَأَمَّا المنقطِعة فتكون بين متباينينِ، هَذَا الفرق؛ فالمنقطعة يَكُون الثاني منقطعًا عن الأولِ، فإذا صارتْ بينَ المتعادلينِ فإنها تُسَمَّى مُتَّصِلَةً، وأيضًا فرق آخرُ لفظيٌّ: أنَّ المتصِلة يَسْبِقُها همزةُ الاسْتِفْهامِ: أَزيدٌ قائم أمْ عمرٌو، فيذكر فيها المعادل، وتَسْبِقها الهمزةُ تحقيقًا أو تقديرًا.
وَأَمَّا المنقطعة فلا تُذْكَر بين متعادلينِ، ولا يَكُون قبلها همزةٌ، فقوله:{آللَّهُ خَيْرٌ} هَذِهِ قبلها الهمزة وهي أيضًا بين متعادلين {آللَّهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ}.
ثم قَالَ المُفَسِّر رَحِمَهُ اللهُ: ["أَمَّا تُشْرِكُونَ" بالتاءِ والياءِ]، يعني (أمَّا تشركون) أو {أَمَّا يُشْرِكُونَ}(١) [أي أهل مكَّة به الآلهة خَيْر لِعَابِدِيها {أَمَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ}، قدَّر المُفَسِّر: الآلهة خير لِعَابِدِيها.
[من فوائد الآية الكريمة]
الْفَائِدَة الأُولَى: وجوب حَمْدِ اللهِ؛ لِقَوْلِهِ:{قُلِ} والأَصْلُ فِي الأَمْرِ الوجوبُ، والله تَعَالَى يُحْمَد عَلَى كمال صفاتهِ وأفعالهِ، وهنا الحمدُ {قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ} عَلَى الأَمْرين جميعًا، لَيْسَ عَلَى أفعالِهِ فقطْ، ومن جملة ما يُحمد عليه أنَّهُ أهلك هَؤُلَاءِ المنذَرين الَّذِينَ كذَّبوا الرَّسُول، ولهَذَا تخصيص المُفَسّر بِقَوْلِهِ:[على هلاكِ الكفار]، تقدَّم التنبيه عليه وأن هَذَا تخصيصٌ للآيَةِ، والله تَعَالَى يَقُول:{قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ}، فيُحمَد الله تَعَالَى عَلَى كمال صفاته وأفعاله، وحمده واجبٌ شَرعًا وعقلًا، لِأَنَّ العقلَ يَقتضي أن يُوصَفَ الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بالكمال.