للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الله (١)، وهَكَذَا فمِنَ الأُمُورِ المشروعةِ حَمْدُ اللهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَلَى النِّعَمِ.

الفَائِدَةُ الثَّامِنةُ: تواضُع داود وسُلَيُمَان ومعرفتهما للحقيقةِ، لِقَوْلِهِ: {فَضَّلَنَا عَلَى كَثِيرٍ مِنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ} ما ذكرا التفضيلَ المطلَقَ عَلَى جميعِ المُؤْمِنيِنَ، بل عَلَى كثيرٍ من عبادِه المُؤْمِنيِنَ.

وهل يُستفاد من ذلك وصف الأَنْبِياء بالإِيمان، يَعْنِي: هل يُشْعِر قوله: {عَلَى كَثِيرٍ مِنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ} أنهما من المُؤْمِنيِنَ؟

الظَّاهرُ أَنَّهُ يُشْعِرُ بهَذَا، يعني أننا شاركناهم فِي وصفِ الإِيمانِ، و {فَضَّلَنَا} اللهُ عَلَى كثيرٍ منهم.

فَلَوْ قَالَ قَائِلٌ: قوله تَعَالَى: {فَضَّلَنَا عَلَى كَثِيرٍ مِنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ} يَدُلّ عَلَى أنَّ مُحَمَّداً - صلى الله عليه وسلم - أفضلُ الرسُلِ؛ لِأَنَّ قولَهما: {كَثِيرٍ} هو يَدُلّ عَلَى أنهما عَلِما ذلك؟

قُلْنَا: هَذَا فِيهِ إشكالٌ، وَهُوَ أَنَّنا لَيْسَ عندنا علمٌ أن الأَنْبِياء عَلِموا بأن مُحَمَّدًا - صلى الله عليه وسلم - سَيُبْعَثُ، قَالَ تَعَالَى: {وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ} [آل عمران: ٨١]، كلمة (رسول) نَكِرَة لا تدلُّ عَلَى أن اللهَ عَيَّنَ مُحَمَّدًا - صلى الله عليه وسلم - لهَؤُلَاءِ، وإن كَانَ قَالَ: إن الله أخذ عَلَى النبيِّين الميثاقَ لئِن بُعث مُحَمَّد، لكان هَذَا تفسيرًا منه، أَمَّا الآيةُ فلا تدلّ عَلَى هَذَا، وقد يقال: إنَّهُ يَدُلّ عليه لِأَنَّ داود - صلى الله عليه وسلم - يقينًا اطلع عَلَى التوراةِ.


(١) انظر: سنن أبي داود، كتاب اللباس، باب، حديث رقم (٤٠٢٣)، عن معاذ بن أنس - رضي الله عنه -، جامع الترمذي، كتاب الدعوات، باب في دعاء النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم -، حديث رقم (٣٥٦٠)، سنن ابن ماجه، كتاب اللباس، باب ما يقول الرجل إذا لبس ثوبًا جديدًا، حديث رقم (٣٥٥٧)، مسند أحمد (١/ ٤٤) (٣٠٥)، عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -.

<<  <   >  >>