للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ} وهَذَا هُوَ الظَّاهرُ؛ لِأَنَّهُ لا يمكن أن يبدأ سُلَيْمَان عَلَيهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ بِقَوْلِهِ: من سُلَيْمَان بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، بل سَيَبْدَأُ بالبسملةِ قبلُ، فلمَّا لم يَذْكُرِ اللهُ إِلَّا البسملةَ دلَّ هَذَا عَلَى أَنَّهُ لم يأتِ بِقَوْلِهِ: {إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ}، ولكِنه لَا بُدَّ أن يَكُون فِي الكتابِ ما يُشيرُ إِلَى ذلك، وإلَّا لمَا فَهِمَتْهُ.

وقوله: {أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ} المقصودُ الخُضُوعُ لي، يَعْنِي: معناه: ذِلُّوا لي؛ لِأَنَّهُم ما كانوا يَعْلُون عليه حَتَّى يَقُول: {أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ}.

وهل أرادَ أن يأتوا إليه أَذِلَّةً مسلمينَ لله أو مسلمين له، أي: مستسلمينَ؟

فيه احتمالٌ أَنَّهُ أراد أن يأتوا مسلمينَ لله أو مستسلمينَ له.

ولكِن هل يَلْزَمُ من إتيانهم مستسلمينَ له أن يَكُونوا مسلمينَ للهِ؟

لا يَلْزَم، لكِن يلزم مِن كَوْنِهِم مسلمينَ للهِ أنْ يَسْتَسْلِمُوا له وأن يَأْتُوا مُطِيعينَ غيرَ مخالفينَ.

[من فوائد الآية الكريمة]

الفَائِدَة الْأُوْلَى: أنَّ الأَولى أن يبدأ الكَاتِبُ باسمِهِ فيقول: من فلانٍ قبل أن يبدأ باسمِ المرسَلِ إليه أو المكتوب إليه.

وهل هَذَا من بابِ التعبُّد أو من باب العادةِ؟

الظَّاهرُ أَنَّهُ من بابِ العادةِ، ولكِن مَعَ ذلك العادة الَّتِي كَانَ عليها السلفُ أَولى منَ العادةِ الَّتِي اعتادها النَّاسُ اليومَ، فاعتادَ النَّاسُ اليومَ أَنَّهُم يَبْدَؤُونَ بالمكتوبِ إليه: إِلَى فلان بن فلان، ولكِن العادة الأُولى أَوْلَى؛ لِأَنَّ الْإِنْسَان إذا قرأ الكتاب يَقْرَؤُه مِن أَوَّله، فإذا قرأ: من فلانٍ؛ عرف الْآنَ ما هَذَا الكتاب وما قيمة الكتاب قبل أن

<<  <   >  >>