الْفَائِدَةُ الْأُوْلَى: حُسْن خُلُق موسى - صلى الله عليه وسلم - وذلك لمكالمتِه لأهلِهِ ومراجعته إيَّاهم بما يهمّ الجميع. يعني أَنَّهُ لم يَذْهَبْ هُوَ بدونِ أنْ يقولَ لهم هَذَا القَوْلَ، مِمَّا يَدُلّ عَلَى أَنَّه يَترَاجَع معَهم فيما يُهِمُّهم.
الْفَائِدَةُ الْثَّانِيَةُ: فِي هَذَا دليل عَلَى أن الزوجةَ مِنَ الأهلِ، وهَذَا هُوَ القَوْل الصَّحيح. فعلى هَذَا آلُ النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - يدخل فيهم أزواجُه، لِأَنَّ الزوجةَ منَ الأهلِ.
وقدِ اختلفَ العُلَماءُ فيما إذ أوصَى الْإِنْسَان لأهلِهِ أو أوقفَ لأهلِهِ، هل يدخلُ الزوجاتُ فِي ذلكَ أمْ لا؟ والَّذِينَ يَقُولُونَ بعدمِ الدخولِ يَرُدُّون ذلك إِلَى العُرف، وَيقُولُونَ: إنَّ العُرْفَ عند النَّاسِ أنَّ الزوجاتِ لَيْسُوا مِنَ الأهلِ، وإنَّما الأهلُ القرابة.
وإذا كَانَ هَكَذَا فَإِنَّهُ يقال: الزوجاتُ مِنَ الأهلِ، فإذا أوقفَ الْإِنْسَان عَلَى أهلِ فلانٍ، أو أَوْصَى لهم، دخل فيهم الزوجاتُ بِمُقْتَضَى اللُّغةِ. ثُمَّ إنْ وُجِدَ عُرْفٌ مُضْطَرِدٌ ينافي ذلك رَجعنا فِيهِ إِلَى العرفِ، لأنَّ الصَّحيح أنَّ الأقوال تُرَدُّ معانيها إِلَى أعرافِ النَّاسِ وعاداتهم، فإذا لم يُوجَدْ عُرف رجعنا إِلَى الشرع أو اللُّغة، حَسَب ما يَكُون ذلك.
الْفَائِدَةُ الْثَّالِثَةُ: أنَّ الأحوال البَشَرِيَّة تَطْرَأُ حَتَّى عَلَى الأَنْبِياء عليهم الصَّلَاة والسلام، فإنَّ موسى فِي تلك الليلةِ كَانَ قد ضلَّ الطريقَ ولم يهتدِ إليه، وقد أصابَهُ البردُ هُوَ وأهله. والأَنْبِياء والرُّسُل لا يَختلفون عن غيرهم إِلَّا فِي الرسالةِ، قَالَ تَعَالَى:{قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ}[فصلت: ٦]، فالأوَّل: المُماثَلَة فِي البشريَّة، والثاني: الاختصاص بالوحيِ.