الْفَائِدَة الثَّانِيَةُ: أَنَّهُ لا فرقَ بين أن يَكُون المضطرُّ مؤمنًا أو كافرًا، يُؤْخَذ من العمومِ وعدمِ التقييدِ؛ لِأَنَّهُ ما قُيِّدَ بأنه مسلم، بل أُطْلِقَ وعُمِّمَ.
الْفَائِدَة الثَّالِثَةُ: أَنَّهُ ينبغي إقامة الحُجَّة عَلَى الخَصْمِ بما يَعْتَرِف به؛ لِأَنَّ إجابةَ المضطرّ يُقِرّ بها هَؤُلَاءِ المكذِّبون؛ هم إذا رَكِبُوا فِي الفُلْكِ وأصابتهم الضرَّاءُ والأمواجُ دَعَوُا اللهَ مُخْلِصِينَ له الدينَ، فأجاب دعاءَهم، مَعَ أَنَّهُ يَعْلَمُ أَنَّهُم سَيُشْرِكُون إذا خَرَجُوا، وأنَّ إيمانهم هَذَا إيمانُ ضرورةٍ فقطْ، فهم عندَ الضَّرورَةِ ما يَدْعُونَ إِلَّا الله، فإذا كنتم تَعرِفون أنكم لا تدعون إِلَّا اللهَ عند الضَّرورَةِ فكيف تعبدون غيرَه عند السَّعَة.
لَوْ قَالَ قَائِلٌ: إجابة الله دعاءهم فِي هَذِهِ الضَّرورَةِ قد تجعل بعض النَّاس يُسْلِمون؟
فالجواب: قد يُسْلِمون وقد يكْفُرون، فالنعمة فِي الحقيقةِ امتحان، إمَّا بالخير أو بالشرّ، ولهَذَا بعض النَّاس إذا مَسَّهُمُ الضرُّ دَعَوُا الله، فإذا أُجيبوا بالرَّحْمَةِ إذا فريقٌ منهم بربهم يشركون.
الْفَائِدَة الرَّابِعَةُ: شمول رحمة اللهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بكشفِ السوءِ، سواء دعا لذلك أمْ لم يَدْعُ؛ لِقَوْلِهِ:{وَيَكْشِفُ السُّوءَ} وكم من سوءٍ كَشَفَهُ الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى عن خلقِه بدعاءٍ وبغيرِ دعاءٍ، وبضرورةٍ وبغيرِ ضرورةٍ، ولا يكشفه إِلَّا الله.
وقد أوردنا فيما سبق أَنَّهُ قَدْ يَقُولُ قَائِلٌ: هَذَا الطبيبُ يعالِجُ المريضَ فَيَبْرَأ فيَكُون كاشفًا للسوءِ؟
وأجبنا عن هَذَا: بأن هَذَا فعلٌ للسببِ، وَلَيْسَ كشفًا للسوءِ، بدليل أَنَّهُ قد