للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[الآية (٤٦)]

* * *

* قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {قَالَ يَاقَوْمِ لِمَ تَسْتَعْجِلُونَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ لَوْلَا تَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (٤٦)} [النمل: ٤٦].

* * *

قَالَ المُفَسِّر: [{قَالَ} للمكذبين: {يَاقَوْمِ لِمَ تَسْتَعْجِلُونَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ} أي: بالعذابِ قبلَ الرَّحْمَةِ؛ حَيْثُ قلتم: إن كَانَ ما أتيتنا به حقًّا فأْتِنا بالعذابِ].

قوله: {لِمَ تَسْتَعْجِلُونَ} الاسْتِفْهام هنا للإنكارِ والتوبيخِ والتعجُّب، يعني أَنَّهُ يُوَبِّخُهم وينكر عليهم هَذَا الأَمْرَ ويتعجب من حالهِم؛ لِأَنَّ حال العاقلِ أن يستعجلَ بالحسنةِ قبلَ السيئةِ، لا أن يستعجلَ بالسيئةِ قبلَ الحسنةِ، لكِن السفيه -والعياذ بالله- سفيهٌ، مثلما قالت قريشٌ: {اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (٣٢)} [الأنفال: ٣٢]، ما قَالُوا: إن كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقّ فاهْدِنا إليه، قَالُوا: {اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (٣٢)} [الأنفال: ٣٢]، ما قَالُوا: إن كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقّ فاهدنا إليه، قَالُوا: {فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا}، وهَذَا - نسأل الله العافية - فِي غايةِ ما يَكُونُ مِنْ الاستكبار والاستهتارِ، هَؤُلَاءِ يستعجلون بالسيئةِ قبلَ الحسنةِ وَيقُولُونَ: {ائْتِنَا بِعَذَابِ اللَّهِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ} [العنكبوت: ٢٩]، وهَذَا التحدِّي من أعداء الرُّسُلِ للرسلِ يَدُلّ عَلَى تماديهم فِي العنادِ وأنهم غيرُ مُؤْمِنيِنَ،

<<  <   >  >>