للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إمدادٍ وتحتاج إِلَى إعدادٍ، فالإعداد بابتداءِ الخلقِ؛ لأن الله إذا ابتدأ الخلقَ أعدَّ الْإِنْسَان بكلِّ ما هُوَ لازِمٌ له، والإمداد بالرزقِ مِنَ السَّمَاء والْأَرْض.

قَالَ المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ: [{قُلْ} يا مُحَمَّدُ {هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ} حُجُّتكُم {إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ}]

{هَاتُوا} هَذِهِ هل هِيَ فعلُ أمرٍ أو اسمُ فِعل أمر؟

هي فِعْلُ أمرٍ؛ والنَّحْوِيُّون مخُتلِفون، لكِن الَّذِي لَا شَكَّ فِيهِ أَنَّهَا فِعلُ أمرٍ؛ لِأَنَّ الَّذِي تَلْحَقُه العلامةُ يَكُون فعلَ أمرٍ، وَالَّذِي يبقى عَلَى حالٍ واحدةٍ يَكُون اسمَ فعلِ أمرٍ. فأنت تخاطب واحدا فتقول: صَهْ، وتخاطب اثنينِ فتقول: صَهْ، وتخاطب جماعة فتقول: صَهْ.

إِذَنْ: هِيَ اسمُ فعلِ أمرٍ، لكِن (هات) تُخاطِب واحدًا فتقول: هاتِ، وتخاطب أُنثى فتقول: هاتي، وتخاطب جماعةً فتقول: هاتوا، وتخاطب نساءً فتقول: هاتِينَ. إذن فهي فِعْلُ أمرٍ.

ومعنى {هَاتُوا} يعني أَحْضِروا، و (البُرهانُ) هُوَ الدَّلِيلُ، وخَصَّه بعضهم بالدَّلِيل القاطعِ، وقَالُوا: إن الدَّلِيل إن كَانَ قطعيًّا فِي دلالته فَهُوَ برهانٌ، وإن كَانَ ظَنِّيًّا فَهُوَ دليل وَلَيْسَ ببرهانٍ، ولكِن الظَّاهر من الآيَاتِ الكَريمَةِ أن البرهانَ فِي الْقُرْآنِ دليلٌ؛ سواء كَانَ قطعيًّا كما قَالَ أهل المنطِق أم غيرَ قطعيٍّ، فعلى هَذَا يَكُون قوله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ} شاملًا للقطعيّ والظّنِّيِّ؛ لِأَنَّهُم لَيْسَ عندهم لا دليل قطعيّ ولا ظنّيّ.

قوله: {قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} الأَمْر فِي قوله: {هَاتُوا} المُراد به التحدِّي.

<<  <   >  >>