يدعون من دونِ اللهِ - لِيَخْلُقُوا ذُبابًا ما استطاعوا. وأبلغُ من هَذَا {وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لَا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ} هذا الذبابُ الضعيف إذا سلبهم شيئًا فلا يستطيعون أنْ يَرُدُّوه {ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ}[الحج: ٧٣].
إِذَنِ: الَّذِي {يَبْدَأُ الْخَلْقَ} هُوَ الله، وَالَّذِي يعيده هُوَ الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، وقول المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ:[وإن لم تَعترِفوا بالإعادةِ؛ لقِيام البراهين عليها]، لا حاجة لتقديره؛ لِأَنَّ الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لمّا ذكر بدء الخلقِ فإن إعادة الخلق بالفطرة والعقل أهونُ من ابتدائِهِ، فهُوَ إذا تقرَّر أَنَّه يبدأ الخلق فَإِنَّهُ من المعلومِ أنه يُعيده؛ بل إعادته أهون، فعلى هَذَا يَكُون الله تَعَالَى قد قَرَّرَ أُلوهِيَّته بهَذَا الفِعْل العظيمِ؛ وَهُوَ بَدْءُ الخَلْقِ وإعادته.
قَالَ المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ: [{وَمَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ} - أي من جهةِ السَّمَاءِ - بالمطرِ {وَالْأَرْضِ} بالنباتِ]، فالرزقُ الَّذِي يأتي من السماءِ هو المطرُ، والذي يأتي منَ الْأَرْض هُوَ النبات؛ هَذَا ما قَالَهُ المُفَسِّر.
ويجوز أن نَقُولَ: إنَّ قوله: {مِنَ السَّمَاءِ} أي من العُلُوّ، {وَالْأَرْضِ} أي مِنَ النزولِ، وَيكُون هَذَا كقولِهِ تَعَالَى:{لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ}[المائدة: ٦٦]، ويَكُون المُراد بالسَّمَاء ما كَانَ من الأشجارِ الرفيعةِ العاليةِ، وبالْأَرْضِ مثل: الزروع والأشجار الممتدَّة عَلَى الْأَرْض الَّتِي لَيْسَ لها ساقٌ. أو نَقُول: إن الآيَة أعمُّ من هَذَا فتشمل المطر؛ لِأَنَّهُ من السَّمَاء، وتشمل ما أَشَرْنَا إليه مِنَ الثَّمَرات منَ الأشجارِ العاليةِ الَّتِي يَتَوَصَّلُ إليها هَؤُلَاءِ، فتكون فِي السَّمَاء وتكون فِي الْأَرْض.
قَالَ اللهُ تَعَالَى:{أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ} الجوابُ: لا يَفعل شيئًا مما ذُكِرَ إِلَّا اللهُ، ولا إله معه.
وهَذِهِ الآيَة جمعَ اللهُ فيها بين بدء الخلق والرزق؛ لِأَنَّ المخلوقات تَحتاجُ إِلَى