الَّذِي من آيَاتِ اللهِ وَهُوَ غير محسوس فَهُوَ هَذِهِ الأنهار الَّتِي توجد فِي البحار.
قوله: {أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ} الجواب: لا، لا إلهَ مَعَ اللهِ، والاسْتِفْهام هنا للإنكارِ والتوبيخِ.
قوله: {بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ} يعني الأَمْر واضح وبَيِّن لكِن أكثر هَؤُلَاءِ لا يعلمون، وقول المُفَسِّر رَحَمَهُ أللَّهُ: [توحيده]، هُوَ قصورٌ، والصَّواب أَنَّهُ نقص فِي العلمِ مطلقًا، بما تدلُّ عليه هَذِهِ الآيَات العظيمة من الرَّحْمَة والحِكْمَة والقُدرة والسُّلطان، فتخصيص ذلك بالتَّوحيدِ فِيهِ نظرٌ.
وقوله: {بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ} يُفهَم منه أن بعضهم يَعْلَم ولكِنه معاند وكابر، ومَن عَلِمَ وجَحَدَ فَهُوَ أشدُّ لومًا وتوبيخًا.
ثُمَّ اعلمْ أن نفيَ العلمِ قد يُراد به نفيُ حقيقةِ العلمِ، بحيث لا يَكُون الْإِنْسَان عالمًا، وقد يُرادُ به نفيُ الانتفاعِ به؛ فإن مَن لا يَنْتَفِع بعِلْمِهِ فَهُوَ كالجاهِلِ، بل هُوَ شرٌّ منه، وِفي الْقُرْآن أمثلة كثيرة حيثُ يُراد بنفيِ الشَّيْء نفيُ فائدته، قَالَ تَعَالَى: {وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ قَالُوا سَمِعْنَا وَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ} [الأنفال: ٢١]، وقال تَعَالَى: {صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَرْجِعُونَ} [البقرة: ١٨]، مَعَ أنَّ نُورَهم قويّ وآذانهم قويَّة السمع، ولكِنهم من أجلِ عدمِ الانتفاعِ بهَذِهِ الأَشْيَاءِ صاروا كالفاقدينَ لها، فهنا نفيُ العلمِ إنْ كَانَ المُرادُ به نفيَ وجودِ العلمِ فالأَمْرُ ظاهرٌ؛ لِأَنَّ بعض النَّاس جاهلٌ لا يفكِّر بهَذِهِ الآيَات ولا يَستدِلّ بها عَلَى حالته أو عَلَى مَن هُوَ آيَة له، وإن كَانَ المُراد بذلك نفي فائدة العلمِ فَهُوَ أيضًا واقع، ودائمًا يُنفَى الشَّيْء بانتفاء فائدته وثمراته.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute