للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قامَ ابْنُ تَيْمِيةَ في نَصْرِ شِرْعَتِنَا ... مَقَامَ سَيِّدِ تَيْمٍ إِذْ عَصَتْ مُضَرُ

قامَ مَقامًا، لكِن عندما تقول: (أقامَ) تقول: أَقَامَ فِي هَذَا المكان مُقَامَ فُلانٍ بضمِّ الميمِ، لا تقل: مَقام، وهَذه قاعدة معروفةٌ فِي النحوِ؛ أنَّ المصدرَ الميميَّ إذا كَانَ من رُباعيٍّ فَهُوَ عَلَى وزنِ اسمِ المَفْعُول، وإذا كَانَ من ثلاثيٍّ فَهُوَ عَلَى وزنِ مَفْعَل أو مَفْعِل مثل مَهْلِك.

قَالَ المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ: [فلا نَدْري مَن قَتَلَهم]، وهَذَا الإنكارُ كَذِبٌ وليس بصحيح، فما داموا هم الَّذِينَ قتلوه فقولهم: {مَا شَهِدْنَا مَهْلِكَ أَهْلِهِ} هَذَا كَذِب، لكِن فِيهِ تَوْرِية؛ لِأَنَّهُم يَقُولُونَ: ما شهِدنا بل فَعَلنا، والشاهِد لم يَفْعَل، ولهَذَا قَالُوا: {وَإِنَّا لَصَادِقُونَ}.

وجملةُ {وَإِنَّا لَصَادِقُونَ} هل هِيَ من جملة قولهم الَّذِي يدافعون به عن أنفسهم أو هِيَ تقريرٌ لقولهم: {مَا شَهِدْنَا مَهْلِكَ أَهْلِهِ}، يعني أنهم لم يقولوه للدفاع عن أنفسهم؟ يعني هل قولهم: {وَإِنَّا لَصَادِقُونَ} من جملة ما يَقُولُونَه للوليّ ليؤكِّدوا النفيَ؟ ما شَهِدنا وإننا لم نَكْذِب عليكم، إننا لَصَادِقُون أننا ما شَهِدنا، هَذَا وجا، أو أن المَعْنى: {ثُمَّ لَنَقُولَنَّ لِوَلِيِّهِ مَا شَهِدْنَا مَهْلِكَ أَهْلِهِ} يَقُول بعضهم لبعض: واطمئنوا أيُّها الإخوة؛ فإنَّنا صادقون بأننا لم نَشْهَدْ؟

يَحْتَمِل هَذَا وهَذَا، إِنَّمَا المفسِّرون ذكروا احتمالينِ: أحدهما أن يقولوه فِي جملة دِفَاعِهِم عن أنفسهم لوليّ صالح، وعلى هذا فتكون جملة {وَإِنَّا لَصَادِقُونَ} تقريرًا لقولهم: ما شَهِدنا مَهْلِكَ أَهْله، والتَّقْدير: ما شهِدنا وإنا صادقونَ فلن نُخْبِرَكم بشيءٍ، أو أن المَعْنى: {ثُمَّ لَنَقُولَنَّ لِوَلِيِّهِ مَا شَهِدْنَا مَهْلِكَ أَهْلِهِ} ونحن إذا قُلْنَا هَذَا فإنَّنا صادقون لأنَّنا ما شَهِدنا المَهْلِك، ولَكِنَّنَا أَهْلَكْنَا بأنفسنا، لسنا شهودًا بل فاعلون؛

<<  <   >  >>