وقول المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ:[بصيحةِ جِبريلَ أو بِرَمْيِ الملائكةِ بحجارةٍ يَرَوْنَها ولا يَرَوْنَهم].
أما قوله:[بصيحةِ جبريل]، فهَذَا قد يَكُون مقبولًا؛ لِأَنَّ الله تَعَالَى يَقُول:{إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ صَيْحَةً وَاحِدَةً} وهَذه الصيحةُ إمَّا منَ اللهِ أو من جبريلَ أو من غير من الملائكةِ، المهمُّ أَنَّهُم أُهلكوا بصيحةٍ.
وأمَّا قوله:[أي برمي الملائكة بحجارة]، فهَذَا لا أعلمُ له وجهًا، ولكِنه قيل: إنَّهُم لما جاءوا إِلَى صالحٍ بالليلِ أمرَ الله تَعَالَى الملائكةَ أنْ تَحْرُسَه، فلمَّا جاءوا فإذا الملائكة تحرسه، فجعلت الملائكة ترميهم بالحجارةِ، وهَذَا لا أصلَ له، وإذا لم يكن هَذَا عن معصومٍ فَإِنَّهُ غير مقبولٍ، وَهُوَ أيضًا غيرُ لائقٍ أن تكون الملائكةُ يرمونَ بالحجارةِ كأنهم من البَشَرِ، ولكنَّنا نَقُول: الَّذِي دمَّر الله به هَؤُلَاءِ وقومَهم هُوَ الصَّيْحَة والرَّجْفَة، كما جاء ذلك فِي الْقُرْآنِ، ولا نَتَعَدَّى الْقُرْآن فِي هَذَا الأَمْرِ؛ لِأَنَّ الله تَعَالَى يَقُول فِي سورةِ إبراهيمَ:{لَا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا اللَّهُ}[إبراهيم: ٩]، فما دامَت هَذِهِ الأُمُورُ مِن معلوماتِ اللهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فإنَّنا لا نتجاوزُ ما قَالَ اللهُ فيها إِلَّا ما وَرَدَ عن النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - بسندٍ مقبولٍ.
ذكر بعضُ العُلَماءِ أَنَّهُم لما خَرَجوا أُصيبوا بمطرٍ وأنهم قَالُوا: لِنَلْجَأْ إِلَى غارٍ من هَذَا المطر، فلمَّا لجأوا إليه انطبقَ عليهم هَذَا الغارُ وهَلَكوا، وَأَمَّا قومهم فجعلوا يطلبونهم ويبحثونَ عنهم فلم يَجِدُوهُم، ثُمَّ رَجَعُوا إِلَى بيوتهم، فخرج عليهم صالحٌ فقال لهم:{تَمَتَّعُوا فِي دَارِكُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ}[هود: ٦٥]، وقَالُوا: إن هَذَا هُوَ الَّذِي مَكَرُوا به المَكْر؛ لِأَنَّ هَؤُلَاءِ القوم دخلوا إِلَى الغارِ يريدون الأمنَ، ولكِن كَانَ فِي هَذَا الغار حَتْفُهم، وقد يَكُون الَّذِي حالَ بينهم وبين هَذَا إمَّا أَنَّهُم قُذف فِي قلوبهم الرعبُ