ثمَّ إنَّ المُفَسِّر رَحَمَهُ اللهُ قَالَ:[نَصْبُهُ عَلَى الحال] نصب (خاوية) عَلَى الحال، حال من البيوت: بيوتهم حال كونها خاويةً.
لكِن أين العامل فِي الحال؛ لِأَنَّ العامل لَا بُدَّ من أن يَكُون إمَّا فعلًا أو اسمًا بمعنى الفِعْل؟ قَالَ المُفَسِّر رَحَمَهُ اللهُ:[والعامل فيها معنى الإشارة]، لِأَنَّ (تلك) بمعنى أسير، فاسم الإشارة متضمِّن لحرفٍ معنويّ وفعل، أي: أسير إذا بيوت خاوية.
قَالَ المُفَسِّر رَحَمَهُ اللهُ: [{بِمَا ظَلَمُوا} بظلمهم]، الباء للسببيَّة و (ما) مصدريّة، والمُفَسِّر رَحَمَهُ اللهُ حَوَّلَ الفِعْل إِلَى مصدر، إشارة إِلَى أن (ما) مَصْدَرِيَّة، أي: تحول ما بعدها إِلَى مصدر، أي: بسبب ظُلْمِهِم، لا أننا ظالمون لهم، بل هم الَّذِينَ ظَلَمُوا أنفسهم.
ثم فسَّر المُفَسِّر هَذَا الظلمَ بالكفرِ، فقال:[أي كفرهم]؛ لِأَنَّ كُلّ كفرٍ ظلم وَلَيْسَ كُلّ ظلمٍ كفرًا، ولهَذَا قَالَ العُلَماء: إِنَّمَا نحمدُ اللهَ تَعَالَى أن قَالَ: {وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ}[البقرة: ٢٥٤]، ولم يقلِ: والظالمونَ هم الكافرونَ، لو قَالَ: والظالمون هم الكافرون كَانَ كُلُّ ظالمٍ فَهُوَ كافرٌ، ولكِن قَالَ:{وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ} فإن كُلّ كافرٍ فَهُوَ ظالمٌ, قَالَ تَعَالَى:{إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ}[لقمان: ١٣].
وتفسير المُفَسّر رَحَمَهُ اللهُ للظُّلم بالكفر هَل عليه دليل؟
نعم عليه دليل؛ لِأَنَّ فِعْلَهم وتكذيبهم لرسولهِم كفرٌ، فهنا تفسيرُ الظلمِ بما هُوَ أخفّ له دليلٌ.
قولُه:{إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ}: {إِنَّ فِي ذَلِكَ} المشار إليه كُلّ القصة عَلَى الصَّحيحِ، وَلَيْسَ المشار إليه مجرَّد الإهلاك.