للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الْفَائِدَة الرَّابِعَةُ: أن الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالى لَيْسَ بظالمٍ، ما دام أَنَّهُ لا يُعاقِب إِلَّا بسببِ فعلِ العبدِ، فمعنى ذلك أَنَّهُ مُنتفٍ عنه الظُّلم.

الْفَائِدَة الخَامِسَةُ: التحذير منَ الظُّلم؛ لأنَّنا إذا تَبَيّنَا أنَّ التدميرَ من أَسْبابِ الظلمِ فمعناه أننا نَنْفِر منه ونهرُب منه، ففيه التحذيرُ من ممارسةِ الظلمِ، سواء كَانَ متعديًا أو لازمًا، أي: سواء كنت تظلمُ نفسَكَ وحدَها بالتقصيرِ بواجبِ اللهِ أو بالظلمِ لغيرِكَ.

الْفَائِدَة السَّادِسَةُ: أن هَذِهِ الحوادثَ الَّتِي يُحْدِثها الله -عَزَّ وَجَلَّ- آيَاتٍ من آيَاتِهِ تدلُّ عَلَى كمالِ قُدرتهِ وسُلطانه، وَعَلَى كمالِ عدلِهِ أيضًا، ولهَذَا قَالَ: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً} أي: علامة عَلَى قدرةِ اللهِ وسلطانِهِ، وَعَلَى حِكْمَتِهِ وَأنَّهُ تَعَالَى لا يفعلُ إِلَّا بمُقتضى للفعلِ.

الْفَائِدَة السَّابِعَةُ: الردُّ عَلَى مَن ينكِرون الحِكْمَةَ، مثل الجَهْمِيّة، فإنّ الجهمية يَقُولُونَ: إنَّهُ لا حكمةَ للهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فِي أفعاله، وخالفتهم المعتزِلَة تمامًا، وقالت: أفعاله مقرونةٌ بالحِكْمَةِ، والحِكْمَةُ مُوجبة، ولهَذَا قَالُوا: يجبُ عليه فِعل الصلاحُ، وبعضهم قَالَ: يَجِب عليه فعل الأَصْلحِ، وَأَمَّا الجهميّة فبالعكس، وهَذَا من المواضعِ الَّتِي اختلفتْ فِيها الجهميّة والمعتزِلة، وإن كانوا يشتركون فِي كثير من الأَشْيَاءِ لكِنهم يختلفون أيضًا فِي أَشْيَاء أخرى، مِنْهَا هَذِهِ المسألة: هل فعل الله لحكمة أو لمجرّد مشيئةٍ؟

فالجهمية يَقُولُونَ: لمجرّد مشيئةٍ، والمعتزِلة يَقُولُونَ: لحكمةٍ، لكِن غَلَوا فِي إثباتِ الحِكْمَةِ، حَيْثُ أَوجبوا عَلَى اللهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فعلَ الأَصْلحِ، وقد تقدّم هَذَا فِي العقيدةِ" وبَيَّنّا أن الصَّوابَ أَنَّهُ يَجِب عَلَى اللهِ فعل الأَصْلحِ لكِن لا بإيجابنا نحن، ولكِن بمقتضى حكمتِه؛ لِأَنَّ الحِكْمَة تَقتضي هَكَذَا، وَأَمَّا الأشاعرةُ فمثل الجهميّة.

<<  <   >  >>