للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

واعلَمْ أن الله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى سمَّى الأصنام آلهةً؛ سَمَّاها آلهة فِي قوله تَعَالَى: {فَمَا أَغْنَتْ عَنْهُمْ آلِهَتُهُمُ الَّتِي يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ} [هود: ١٠١]، فأثبتَ أَنَّهَا آلهة، وَفِي آيَاتٍ أُخْرَى نفى أن تكون آلهةً فقال تَعَالَى: {مَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا أَسْمَاءً سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ} [يوسف: ٤٠]، والجمعُ بينهما ظاهرٌ؛ أنَّ إثباتَ كونها آلهةً باعتبار هَؤُلَاءِ العابدينَ؛ لِأَنَّهُم يَعتقِدون أَنَّهَا آلهة، ونفي أن تكون آلهة وإنما هِيَ أسماء باعتبار حقيقة الأَمْرِ أَنَّهَا ليستْ بآلهةٍ تَسْتَحِقّ أن تُعْبَد؛ ولهَذَا نُفي أن تكون آلهةً؛ لِأَنَّهَا لَيْسَ لها الْحَقّ فِي أن تُعْبَد.

لَوْ قَالَ قَائِلٌ: ما الفرق بين الحصر الحقيقيّ والإضافيّ؟

قُلْنَا: مثال الحصر الحقيقيِّ والإضافيِّ إذا قُلْنَا: إن {لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ} [الصافات: ٣٥]، أي لا معبود بحق إِلَّا الله صار حصرًا إضافيًّا، باعتبار أن يَكُون بحق، أمَّا بحق وباطل فيوجد آلهة سِوَى الله، وحينَئذٍ يَكُون الحصرُ إضافيًّا، يَعْنِي بالإضافةِ إِلَى الإلهِ الحقّ، فإذا قُلْنَا: حقيقيٌّ فَهُوَ باعتبارِ الواقعِ أَنَّهُ لا يوجد إله إِلَّا الله، وأنّ هَذِهِ الآلهة هِيَ مجرد أسماء، فيَكُون الحصر حقيقيًّا، أي: باعتبار الحقيقة والواقع، ومؤداهما واحد؛ ولهَذَا أثبت الله الآلهةَ مرة ونفاها مرة أخرى.

الفَائِدَةُ السَّادِسَةَ عَشْرَةَ: إثبات الرُّبُوبِيَّة؛ لِقَوْلِهِ: {رَبُّ}، ورب بمعنى: خالق أو بمعنى صاحب؟

بمعنى خالق، وَهُوَ أيضًا مختصٌّ به، إذ إن العَرْش لله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى وحدَه.

* * *

<<  <   >  >>