لَا شَكَّ أَنَّهُ يَدُلّ عَلَى حَزمها وقوَّتها وشجاعتها؛ لِأَنَّ الْإِنْسَان الغريب إذا حصل له مثل هَذَا الأَمْر قد يتوقف ويقول: ما أدري، أَخْشَى أنْ يَخْدَعُوني فأقع فِي هَذَا وأموت، لَكِنَّها قويَّة وحازمة أيضًا، أقدمتْ عَلَى الدخولِ لكِن مَعَ الاحترازِ عن الأذيَّة؛ حَيْثُ رفعت عن ساقيها.
والرفع عن الساقين قَدْ يَقُولُ قَائِلٌ: يُؤخَذ منه جواز إظهار المَرْأَة لساقيها؟
فَنَحْنُ نَقُول: أولًا لا يؤخذ منه ذلك؛ لِأنَّهُ هنا فعلته للحاجة، وكشف المَرْأَة ساقيها للحاجة لا بأس به، حَتَّى فِي شريعتنا إذا احتاجت المَرْأَة إِلَى كشف ساقيها فِي مثل هَذِهِ الحال فلا حرج فيه؛ لِأَنَّ ما حُرِّم تَحْرِيمَ الوسائل تبيحه الحاجات، كما هُوَ مُقَرَّر فِي علمِ الأصولِ.
ولهَذَا يجوز النظرُ إِلَى العورة لأدنى حاجة، حَتَّى إنَّهُم قَالُوا: يجوز أن يحلق عانة مَن لا يُحْسِن حلق عانتِه، وهَذَا بالضَّرورَة سوف يَكشِف العانة لتحلقَ.
فالحاصل: إن كانت شريعة سُلَيْمَان تُبيح مثل ذلك فلا دلالة فيه، وإذا كانت لا تُبيحه فَإِنَّهُ أيضًا لا يخالف شريعتنا؛ لِأَنَّ الحاجة هنا تدعو إليه.
قَالَ المُفَسِّر: [{وَكَشَفَتْ عَنْ سَاقَيْهَا} لتخوضه، وَكَانَ سُلَيْمَان عَلَى سريره فِي صدر الصرح فرَأَى ساقيها وقَدَميها حِسانًا]، اطمأنَّ الْآنَ الرجلُ! ولَكِنَّهَا لَيْسَ كما قَالَ المُفَسِّر، لَيْسَ الغرض من هَذَا أن يَتبَيَّنَ لسُلَيْمَان هل رجلها رجل حمار أو رجل آدميَّة، لا، الغرضُ أن يَعْرِف بهَذَا ذكاءَها وفِطْنتها وشجاعتها، وكلّ ما تدلُّ عليه هَذِهِ الصورةُ من معنى يعود إِلَى المَرْأَة فَإِنَّهُ يريده سُلَيْمَان عَلَيهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ.
قَالَ المُفَسِّر: [{قَالَ} لها {إِنَّهُ صَرْحٌ مُمَرَّدٌ} مُمَلَّس {مِنْ قَوَارِيرَ} من زُجاج]،