يَقُول المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ: [{أَخَاهُمْ} من القبيلةِ]، لماذا قَالَ: من القبيلة؟ احترازًا من الدِّينِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ أخا لهم إِلَّا نفرًا يسيرًا آمنوا معه.
ثم قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ: [{أَنِ} أي بأن {اعْبُدُوا اللَّهَ}]، أفادنا المُفَسِّر أنَّ (أنْ) هنا مصدرَّية، ولكِن يجوز فيها وجهٌ آخرُ أن تكون تفسيرَّية؛ لِأَنَّ {أَرْسَلْنَا} يتضمن: أوحينا، والوحي فِيهِ معنى القَوْلِ دونَ حُرُوفِه، وهَذَا هُوَ دلالة (أنِ) التفسيرية، أن يَسْبِقَها فعلٌ فِيهِ معنى القَوْلِ دون حروفِه.
إِذَا قُلْنَا: إنَّهَا تفسيرَّية ما صحّ أن نقدِّر الباء، أي:(بأن) بل نقدِّر (أن) بمعنى (أي) أي اعبدوا الله، يَعْنِي: أَوحينا إليه أي اعبدوا الله.
قَالَ المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ: [{اعْبُدُوا اللَّهَ} وَحِّدوه]، وهَذَا مأخوذ من تفسير ابن عبَّاس فيما أَظُنُّ فِي قوله تَعَالَى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (٥٦)} [الذاريات: ٥٦]، قَالَ: لِيُوَحِّدُون.
فجعل العِبادَةَ هِيَ التوحيدَ، ولكِن الصَّحيح أن العِبادَةَ التذلُّل لله سُبْحَانَهُ وَتَعَالى بالطاعة؛ لِأَنَّ هَذِهِ المادة: العين والباء والدال تدل عَلَى الذلّ، ومنه قولهم: طريق معبَّد أي مذلَّل لسالكيه، فعبادة الله معناها الذلُّ له بالطاعةِ، ومنه، بل من أعظم ذلك تَوْحِيدُه، فالصَّوابُ أن المُراد بالعِبادَة التذلُّل لله سُبْحَانَهُ وَتَعَالى بالطاعة.
قال تَعَالَى {فَإِذَا هُمْ} الفاء حرف عطفٍ، و (إذا) فُجائيَّة، يعني فما الَّذِي حصل بَعْد إرسالِه، إذا المفاجأة بالتفرُّق.
قَالَ المُفَسِّر رًحمَهُ اللَّهُ: [{فَإِذَا هُمْ فَرِيقَانِ يَخْتَصِمُونَ} فِي الدين، فريق مؤمنون من حين إرسالِهِ إليهم، وفريق كافرون].
انقسم قومه إِلَى قسمينِ: قسم آمنوا به وقسم آخر كفروا به، والَّذِينَ آمنوا به هم