والثَّانِيَة: صفاتُ نقصٍ عَلَى كُلّ حالٍ، أو صفاتُ سَوْءٍ عَلَى كُلّ حالٍ، فهَذه يُنَزَّهُ اللهُ عنها عَلَى كُلّ حالٍ، مثل الظُّلم واللُّغُوب والجَهْل والعَمَى والموت والمرض والولادة والوزير والشَّريك والجُوع والعَطَش، ومَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، هَذِهِ يُنزَّه الله عنها بكلّ حالٍ.
والثَّالثة: صفات ذات وجهينِ، تكون مدحًا فِي حالٍ وتكونُ ذمًّا فِي حالٍ، فهَذِهِ لا يُوصَف الله بها عَلَى الإطلاقِ ولا تُنْفَى عنه عَلَى الإطلاقِ، مثل: المَكْر والخِداع والاستهزاء والسّخْرِيَة وأمثالها، هَذِهِ لا يُوصَف الله بها عَلَى كُلّ حالٍ، ولا تُنفَى عنه بكلِّ حالٍ، بل يُوصَف بها حَيْثُ تكون كمالًا، وتُنفَى عنه حَيْثُ تكون نقصًا، قَالَ الله تَعَالَى:{فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ}[التوبة: ٧٩]، وقال تَعَالَى:{اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ}[البقرة: ١٥]، وقال تَعَالَى:{يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ}[النِّسَاء: ١٤٢]، وقال تَعَالَى:{وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ}[الأنفال: ٣٠].
قوله:{وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ} يعني هم لا يشعرون بعاقبةِ مكرِهم، وهل يَتِمُّ لهم ما أرادوا أم لا؟ ولا يشعرون كيف يمكر الله بهم، فهم لا يشعرون لا بهَذَا ولا بهَذَا، لا بنتيجةِ مَكْرِهِم ولا بمكرِ اللهِ بهم؛ لِأَنَّهُم - والعياذُ بالله - متمادُونَ فِي الضلالةِ، والغالبُ أن الَّذِي يتمادى فِي الضلالةِ يَعْمَى فلا يُبْصِر، ويُصَمّ فلا يسمع، فلهَذَا قَالَ:{وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ}، والجملةُ فِي قوله:{وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ} مَحَلُّها منَ