للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

المهم أن الرَّسُول نفسَه مُلْزَمٌ بأنْ يشهدَ لنفسِهِ بالرسالةِ وبأنه رسول الله يُؤْمِن بما أُوحي إليه، وكذلك غيرُه مِن باب أَوْلَى.

وقول المُفَسِّر: [وهم أربعةُ آلافٍ]، نَقُول: أين الدِّيوان الَّذِي حَصَرَهُمْ، لا دليلَ عليه، والغالبُ أنَّ المُؤْمِنيِنَ أقلُّ من ذلكَ، فالنَّبِيّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ يقولُ: "رَأَيْتُ النَّبِيَّ وَمَعَهُ الرَّهْطُ، وَالنَّبِيُّ مَعَهُ الرَّجُلُ وَالرَّجُلَانِ، وَالنَّبِيُّ وَلَيْسَ مَعَهُ أَحَدٌ" (١)، إذ رُفِعَ له سَوَادٌ فظنَّ أَنَّهُ أُمَّتُه، فقَالُوا: هَذَا موسى وقومه.

فالمهمّ أَنَّ تَقديرَهم بأربعةِ آلافٍ، أو بأربعينَ نفرًا، أو بأربعة ملايينَ، أو بأقلَّ أو أكثرَ، هَذَا يحتاجُ إِلَى دليلٍ، وَهُوَ أيضًا من فُضُولِ العلمِ الَّذِي لا يَنبغي للإِنْسَانِ أنْ يُتْعِبَ نفسَه فِيه، لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ فائدةٌ، الَّذِي فِيهِ فائدةٌ لَا بُدَّ أنْ يَقُصَّه الله علينا.

ونظيرُ هَذَا البحثِ مثلًا فِي كلبِ أصحابِ الكهفِ:

ما لونُه وما اسمُه وما حَجْمُه؟

والغارُ الَّذِي هم فِيهِ أينَ هُوَ، فِي أيّ مكانٍ؟

كُلّ هَذِهِ مسائلُ جانبيَّة، كذلك أيضًا ما وقع فِي الحديثِ فِي السنَّة (قالَ رجلٌ للنبيِّ - صلى الله عليه وسلم -)، فتجدُ بعضَ الشرَّاح يُعنَى عنايةً تامّةً: مَن الَّذِي قَالَ هَذَا؟ هَذَا فِي الحقيقةِ لَيْسَ له داعٍ، وإنْ كنّا قد نستفيدُ إذا كَانَ فِي ذلك مَنْقَبَةٌ لهَذَا الرجلِ إذا عُرف به، لكِن هل هَذَا ليس ملزومًا لا بالحُكْم ولا بالدلالة، ولكِنه من فضول العلم. وهَذِهِ المسألة أيضًا مثلها: كم الَّذِينَ مَعَ صالحٍ، أربعة آلاف أو أربعة مَلايين؟ لا يَهُمُّ، المهمُّ أن كُلَّ


(١) رواه البخاري، كتاب الرقاق، باب يدخل الجنة سبعون ألفًا بغير حساب، حديث رقم (٦١٧٥)؛ ومسلم، كتاب الإيمان، باب الدَّليل على دخول طوائف من المسلمين الجنة بغير حساب ولا عذاب، حديث رقم (٢٢٠)، عن ابن عباس - رضي الله عنهما -.

<<  <   >  >>