للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الْفَائِدَة الثَّانِيَةُ: أنَّهُ ينبغي عند الدَّعْوَةِ إِلَى الشَّيْءِ أن يَقْرِن الداعي دعوته بما يُغْرِي المدعوّين ويُؤَلِّبهم ويقوِّيهم؛ لِقَوْلِهِ: {آلَ لُوطٍ}، ومن قوله: {مِنْ قَرْيَتِكُمْ} ولم يقولوا: من القريةِ؛ لِأَنَّ قولهم: {مِنْ قَرْيَتِكُمْ}، فهَذِهِ تُوجِب الحَمِيَّةَ والعَصَبِيّة حَتَّى يخرجوهم، كأنهم قَالُوا: هَذِهِ القريةُ لكم، أَخرِجوا هَذَا الرجل، وكذلك ففي قوله: {آلَ لُوطٍ} يعني هَؤُلَاءِ ليسوا منكم؛ فلا وجهَ لِكَوْنِكم تسكتونَ عنهم.

الْفَائِدَة الثَّالِثَةُ: قَرْنُ الحُكْم بالسَّبَب؛ لقولهم: {إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ}؛ هَذَا سبب قولهِم {أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ}.

الْفَائِدَة الرَّابِعَةُ: أن قول البعضِ إذا رَضِيَهُ الباقونَ فَهُوَ للجميعِ؛ لِقَوْلِهِ: {إِلَّا أَنْ قَالُوا أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ}، ومنَ المعلومِ أن هَذَا القَوْلَ لَيْسَ للجميعِ؛ لِأَنَّهُم عندما يَقُولُونَ: (أخرجوا) فبعضهم يخاطب بعضًا، ولكِن الكلمة إذا جاءت من بعضِ القومِ ورَضِيَها الآخرونَ فإنها تُنْسَبُ إليهم.

ولهَذَا يخاطب الله اليهود فِي عهد النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - بما فعله أسلافهم، وفِي سورة البقرةِ كثير من ذلك؛ كما قَالَ الله تَعَالَى: {وَإِذْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَالْفُرْقَانَ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} [البقرة: ٥٣]، فموسى الَّذِي أُوتِيَ الكتابَ والفُرقان جاء لأسلافهم وليس لهم.

وكذلك قَالَ: {ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَنْتُمْ ظَالِمُونَ} [البقرة: ٩٢]، والَّذِينَ اتخذوا العجلَ ليسوا هَؤُلَاءِ، لكِنَّ هَؤُلَاءِ راضونَ. ففِعل القوم أو فِعل بعضِ القومِ أو القبيلة إذا رَضِيَه الآخرونَ فَهُوَ للجميعِ، والعِبرة بالأشرافِ ومَن لهم الكَلِمَة، وإلَّا بعض النَّاس قد يَكْرَه هَذَا الشَّيْءَ ولا يريده.

<<  <   >  >>