ليسَ بمؤمنٍ؛ لِأَنَّهُ لم يُوقِنْ، بل لَا بُدَّ منَ الإيقانِ، وَأَمَّا التردد والشكُّ حَتَّى مَعَ ترجُّحِ ما ذكرَ اللهُ فَإِنَّهُ لا يفيدُ الْإِنْسَانَ، يَعْنِي: لو آمن إِنْسَان لكِن عنده بعضُ الشكِّ فإن ذلك لَيْسَ بمؤمنٍ؛ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ منَ الْيَقينِ بما يجبُ الإِيمان به.
فالجوابُ: لَيْسَ عندهم نوعٌ منَ الشَّكِّ، لكِن عندهم ضعفٌ فِي الانقيادِ وعدم عِلْم ما أنزلَ الله، وَأَمَّا لو كَانَ عندهم شكٌّ فما صاروا مُؤْمِنيِنَ إطلاقًا ولا مسلمينَ أيضًا، فهَذَا نفيُ كمالِ الإِيمانِ لا نفيُ أصلِ الإِيمانِ، وَأَمَّا مَعَ الشكِّ فإن أصلَ الإِيمانِ لم يوجدْ، وَأَمَّا الإِيمانُ الاعتقاديُّ إذا لم يوجدْ كاملًا فَإِنَّهُ لا ينفعُ الْإِنْسَان، فالإِيمان يَكُون مَفقودًا عند الشكِّ فيه، فلَا بُدَّ من الإِيمانِ الجازِمِ، ولهَذَا مَن شكَّ فيما وعدَ اللهُ به، ومَن لم يُؤْمِنْ بخبرِ اللهِ جَلَّ وَعَلَا فَهُوَ كافرٌ؛ لِأَنَّ خبر اللهِ جَلَّ وَعَلَا يَجِب التَّصْديقُ به، ومَن شكَّ فِي واحدٍ مِن أركانِ الإِيمانِ الستَّة فَهُوَ كافرٌ أيضًا، لَا بُدَّ أن يؤمنَ، وأيضًا لَا بُدَّ ألا يَكُونَ عنده تردّدٌ فِي هَذَا، ولو كَانَ عنده انحرافٌ وسوءُ تصرُّف فيما يَجِبُ عَمَلُه، مثلًا قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى أَكَونَ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ وَلَدِهِ"(١)، فيؤمن الْإِنْسَان بالرَّسُول لكِن تَنْقُصُ محَبَّتُه للرَّسُولِ فيَكُون هنا انتفى عنه كمال الإِيمان، لكِن لو شكَّ أن الرَّسُول حقٌّ أو لَيْسَ بحقٍّ ما صارَ مؤمنًا، فلا بدّ أن يَجزِم جَزمًا بأنه رسولُ اللهِ، ثُمَّ هل يُقَدِّم محَبَّتُهُ عَلَى محبَّة نفسه وأهله؛ فهَذَا محلُّ الكمالِ والنقصِ.
* * *
(١) رواه البخاري، كتاب الإيمان، باب حب الرسول - صلى الله عليه وسلم - من الإيمان، حديث رقم (١٥)؛ ومسلم، كتاب الإيمان، باب وجوب محبة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أكثر من الأهل والولد والوالد والناس أجمعين، حديث رقم (٤٤)، عن أنس بن مالك - رضي الله عنه -.