للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَلَا تُكَذِّبُوهُمْ" (١)؛ لِأَنَّ هَذَا يَقتضي أَنَّنَا إذا فَسَّرنا الْقُرْآن بما قالوا فقد صَدَّقْنَاهم، وهَذَا بعيدٌ مِنَ الصحابةِ أن يفعلوه، فالْإِنْسَان يَتَوَقَّف فيما إذا جاء تفسيرُ الآيَةِ عنِ ابنِ عبَّاس وغيره من الصحابةِ الَّذِينَ أخذوا عن بني إسرائيلَ وَيتَوَقَّف فِي رَدِّه، وذلك لهَذَا الوجهِ الَّذِي ذَكَرنا، وإنْ ذَكَروا شيئًا لا يتعلَّق بالتفسير كالقَصَص الَّتِي ما أشار إليها الْقُرْآن فهَذَا يُمْكِن أن نأخذَه، لكِن قِصَّة مُسْتَقِلَّة ما أشار إليها الْقُرْآن، هَذَا يَكُون عَلَى بابِه، لكِن إذا فَسَّر شيئًا فِي قِصَّة فِي الْقُرْآن فهَذَا نأخذه، أَمَّا إذا جَعَلُوه تفسيرًا لشيءٍ معيَّن منَ الْقُرْآن كما فِي هَذِهِ الآيَةِ فالْإِنْسَان يَتَوَقَّف.

قَالَ المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ: [{وَكُلٌّ} تَنْوِينه عِوَض عن المضافِ إليه؛ أي: وكلهم بعدَ إحيائهم يومَ القيامةِ {أَتَوْهُ} أي: أتوا الله عَزَّ وَجَلَّ {دَاخِرِينَ}.

و(كلٌّ) تنوينُه عِوَض عنِ المضافِ إليه، والتَّقْدير: (وكُلُّهم) إذن التنوين عِوَض عنِ اسمٍ؛ عن كَلِمَةٍ، وتنوينُ العِوَض يَقُولُونَ: إنَّهُ ثلاثةُ أقسامٍ: عِوَض عن جملةٍ، وعِوَض عن كلمةٍ، وعِوَض عن حَرْفٍ، مثل قوله تَعَالَى: {فَلَوْلَا إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ (٨٣) وَأَنْتُمْ حِينَئِذٍ تَنْظُرُونَ} [الواقعة: ٨٣، ٨٤]، نَقُول هنا: التنوين عِوَض عن جملةٍ؛ يَعْنِي: حينَ إذْ بَلَغَتْ، وأيضًا قوله تَعَالَى: {غُلِبَتِ الرُّومُ (٢) فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ (٣) فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ} [الروم: ٢ - ٤]، (ويومئذٍ) عِوَض عن جملةٍ، وهي: ويوم إذ يُغْلَب الرومُ.

والعِوَض عن اسمٍ مثل هَذِهِ الآيَة، فتنوين (كل) و (بعض) عِوَض عن اسمٍ،


(١) رواه أبو داود، كتاب العلم، باب رواية حديث أهل الكتاب، حديث رقم (٣٦٤٤)، وأحمد (٤/ ١٣٦) (١٧٢٦٤)، عن أبي نملة الأنصاري - رضي الله عنه -.

<<  <   >  >>