وأما الدين والمذهب فلأنه لا موضع فيه للانتقال، إذ كان دينه ودينهم واحدا، وهو صلى الله عليه وسلم نبىُّ الأمة وولي الدعوة، والمهاجرون والأنصار تبع له في ذلك، فلم يبق إلا قسمان، وهما نسب البلاد والأوطان، ونسب الصناعة والامتهان، وقد يجوز في كل واحد من الأمرين أن ينتقل منه إلى غيره وكانت المدينة دارا للأنصار، وكانت الهجرة إليها أمرا واجبا وانتقاله إليها طاعة وعبادة، ولولا أنه كان مأمورا بها ومحمولا عليها لم يكن ليترك بلاده ويفارق أوطانه، فقد يحتمل أن يكون أراد بهذا القول: لولا أن هذه النسبة في الهجرة نسبة دينية لا يسعني تركها لانتقلت عن هذا الاسم إليكم، ولانتسبت إلى داركم.
وأن نزيل بلد من البلدان، / قد ينتسب إليه إذا طال مقامه فيه، ويتعرف إلى الناس به، وقد جرت به العادة في قديم الدهر وحديثه.