فأخرجت لهم مسألة مستوفاة تشتمل على ذكر أكثر ما يلزم معرفته منه.
والقدر الذي يحتاج إلى ذكره هاهنا هو أن يعلم أن القرآن كان مجموعا كله في صدور الرجال أيام حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم ومؤلفا هذا التأليف الذي نشاهده ونقرؤه، فلم يقع فيه تقديم ولا تأخير ولا زيادة ولا نقصان إلا سورة براءة كانت من آخر ما نزل من القرآن لم يبين لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم موضعها من التأليف حتى خرج من الدنيا، فقرنها الصحابة بالأنفال وبيان ذلك في خبر ابن عباس قال: قلت لعثمان: ما حملكم على أن عمدتم إلى براءة وهي من المئين وإلى الأنفال وهي من المثاني، فقرنتم بينهما ولم تجعلوا بينهما سطرا فيه بسم الله الرحمن الرحيم، ووضعتموها في السبع الطوال؟ فقال عثمان: ان رسول الله صلى الله عليه وسلم كان تنزل عليه السورة التي يُذكر فيها كذا وكذا، فإذا نزلت عليه الآيات يقول: ضعوا هذه الآيات في موضع كذا وكذا، وكانت الأنفال أول ما أنزل عليه بالمدينة، وكانت براءة من آخر القرآن نزولا وكانت قصتها تشبه قصتها، فقبض رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يبين أمرها، فظننت أنها منها، فمن أجل ذلك قرنت بينهما وجعلتهما في السبع الطوال.