الشّعْبِيَّ قال: سَمِعتُ أبا جُحيفَة: قال: سألتُ علِيًا هل عِنْدكُم شيء مما ليسَ في القُران؟ وقال مرَّةً: مِمَّا لَيْسَ عِند النَّاس. فقال: والَّذي فلق الحَبَّة وبَرَأَ النَسمة ماعِندنا الَاّ مافي القرآن إلَّا فَهمًا يُعْطَى رَجلٌ في كِتابِهِ وما في الصَّحيفَة. قُلت: ومافي الصَّحيفةِ؟ قال: العَقْلُ وقَكَاكُ الأسير وأن لايُقَتل/ مُسلِمٌ بكافر.
قَولُه: إلَّا فَهمًا يُعْطَى رَجلٌ في كِتابِهِ, يعني مايُفهم من فَحوى كلامه ويُسْتَدْرَكُ من باطن معانيه التي هي غيْر الظَّاهر من نصه والمتلقى من لفْظهِ ويْدخُل في ذلك جَميع وجوهِ القياس والاسْتنباط التي يُتوصل إليها من طَرِيق الفهم والتَّفهُّم.
وقولُه:((العقل وفَكاك الأسير)) , فإنه أرادَ بالعقلِ ماتتحمَّله العاقِلَة من دِيَة القَتيل خَطَأ, وذلك أنّ ظاهره يُخالف الكِتاب وهو قولُه:(ولاتَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخرَى) وإنّما هو تَوْقِيفٌ من جِهَة السُّنَّةِ أُريد به المَعُونَة وقُصِد فيه المَصْلحة ولو أُخِذَ قَاتِلُ بالخَطَأ بالدَّيةِ لأوشَكَ أن يأتي ذلك على جميع مالِه, فيحْتَاج ويَفْتقِر, وذلك لأَنَّ تَتَابُعَ الخَطَأ منه غَيْر مَأمونٍ والخَطأ في حُكم الدِّين عنه مَوضُوعٌ, ولو تُرِك الدَّمُ فلم يُعَوَّض عنه أولياءُ القَتيل لَصَار هَدَرًا والدَّمُ لايَذْهَب بَاطِلا. فقيل لِعَصَبة القَاتِل: تَرافَدُوا وتَعَاوَنُوا, فأدُّوا عنه الدَّيةَ, ولم يُكلفُوا منه إلا الشَّيء اليَسيرُ الذي لايُجحفُ بهم وهو قَدْرُ نِصْفِ دِينَار أو رُبْع دِينَار على حَسَب الوسع