فرعون بالمعجزات الباهرة كالعصا، واليد البيضاء، وسخر له البحر فصار طريقا يبسا، جاز عليه قومُه وأولياؤه وغرق فيه خصمه وأعداؤه، وهذه أمور أكرمه الله بها وأفرده بالاختصاص فيها أيام حياته ومدة بقائه في دار الدنيا، ثم إنه لما دنا حين وفاته -وهو بشر يكره الموت طبعا ويجد ألمه حسا- لطف له بأن (لم) يفاجئه به بغتة، ولم يأمر الملك الموكل به أن يأخذه قهرا وقسرا، لكن أرسله إليه منذرا بالموت، وأمره بالتعرض له على سبيل الامتحان في صورة بشر، فلما رآه موسى استنكر شأنه واستوعر مكانه، فاحتجز منه دفعا عن نفسه بما كان من صكه إياه، فأتى ذلك على عينه التي ركبت في الصورة البشرية التي جاء فيها دون الصورة الملكية التي هي مجبول الخلقة عليها، ومثل هذه الأمور مما يعلل به طباع البشر وتطيب به نفوسهم في المكروه الذي هو واقع بهم، فإنه لا شيء أشفى للنفس من الانتقام ممن يكيدها فيريدها بسوء، وقد كان من طبع موسى عليه السلام فيما دل عليه آي من القرآن حما [؟] وحدة، وقد قص علينا الكتاب ما كان من وكزه القبطي الذي قضى عليه، وما كان عند غضبه من إلقائه الألواح، وأخذه برأس