ويروى عن ابن عباس أنه قال: لم أعلم ما فاطر السموات حتى اختصم إلي أعرابيان في بئر فقال أحدهما: أنا فطرتها، (أي) استحدثت حفرها، هذا أصل الفطرة في اللغة، وقد ذهب قوم في معنى الفطرة المذكورة في الحديث إلى أن المراد به الدين، واستدلوا على ذلك ببيان ما استشهد له من الآية حين تلاها عقيب الحديث وهو قوله:{فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم} مع ما تقدمه من قوله: {فأقم وجهك للدين حنيفا} قالوا: فقد اعتورها البيان من أول الآية وآخرها، فدل أن المراد بها الدين، واستشهدوا على ذلك أيضا بقوله: كما تنتج البهيمة بهيمة جمعاء، هل تحسون فيها من جدعاء.
والجمعاء هي السليمة التي لا عيب فيها ولا نقص، سميت بذلك لاجتماع السلامة لها في أعضائها، لا جدع بها ولا خرم، حتى يحدثهما فيها أربابها، ضرب البهيمة السليمة الخلقة أول ما تنتج مثلا للمولود في سلامة فطرته من الشرك والإلحاد أول ما يولد