للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِآبَائِنَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (٣٦)} أنّا نُبْعَثُ أحْياءً بعد الموت، والخطاب للنبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وحده، وهو كقوله تعالى: "يا أيُّها النَّبِيُّ إذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ" (١)، فقال لِنَبيِّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: {أَهُمْ خَيْرٌ أَمْ قَوْمُ تُبَّعٍ} استفهام إنكار، يقول: أهُمْ أعَزُّ وأمْنَعُ وأَكْثَرُ أموالا وعددا أم قوم تُبَّع {وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ}؟ مثل عاد وثمود {أَهْلَكْنَاهُمْ} بالعذاب {إِنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ (٣٧)} يعني: مكذبين بالبعث.

ومحل {الَّذِينَ} رفعٌ بالعطف على {قَوْمُ تُبَّعٍ}، ويحتمل أن يكون رفعًا بالابتداء وخبره {أَهْلَكْنَاهُمْ}، ويحتمل أن يكون خفضًا بالعطف على {تُبَّعٍ}، تقديره: أهُمْ خَيْرٌ أمْ قَوْمُ تُبَّعٍ وَقَوْمُ الذينَ؟ ويحتمل أن يكون نصبًا بإضمار فعل تفسيره ما بعده تقديره: وأهلكنا الذين من قبلهم أهلكناهم (٢).

وقوم تُبَّعٍ كانوا من أهل اليمن، وتُبَّعٌ هم ملوك اليمن، وإنما سُمِّيَ كُلُّ واحد منهم تُبَّعًا لأنه يَتْبَعُ صاحبه، وهو بِمَنْزِلةِ الخليفة فِي الإسلام، وهم ملوكُ العربِ الأعاظمُ (٣)، والتِّبْعُ أيضًا الذي يَتْبَعُ النساءَ (٤).


(١) سورة الطلاق الآية الأولى، وهذا قول الفراء، قاله في معانِي القرآن ٣/ ٤٢، وينظر: معانِي القرآن للنحاس ٦/ ٤٠٨، شفاء الصدور للنقاش ورقة ٥/ أ، ٥/ ب.
(٢) وإذا كان معطوفًا على {قَوْمُ تُبَّعٍ} كانت جُمْلةُ {أَهْلَكْنَاهُمْ} استئنافية، ويجوز أن تكون حالًا، من الضمير المستكنِّ في الصلة، ينظر في هذه الأوجه: إعراب القرآن للنحاس ٤/ ١٣٣، مشكل إعراب القرآن ٢/ ٢٩٠، البيان للأنباري ٢/ ٣٦٠، كشف المشكلات للباقولِيِّ ٢/ ٣٠٣، التبيان للعكبري ص ١١٤٧، الفريد للمنتجب الهمدانِيِّ ٤/ ٢٧٤، الدر المصون ٦/ ١١٦.
(٣) قاله أبو عبيدة والأخفش والنقاش، ينظر: مجاز القرآن ٢/ ٢٥٩، شفاء الصدور ٥/ ب، وينظر قول الأخفش في عين المعانِي ورقة ١٢١/ أ، زاد المسير ٧/ ٣٤٨، تفسير القرطبي ١٦/ ١٤٤.
(٤) قال الأزهري: "ويقال: فُلانٌ تِبْعُ نِساءٍ؛ أي: يَتْبَعُهُنَّ". تهذيب اللغة ٢/ ٢٨٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>