للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفارسي (١): ولا يجوز أن يُحْمَلَ الغَلْيُ على المُهْلِ؛ لأن المُهْلَ إنّما ذُكِرَ للتشيبه به في الذَّوْبِ، ألا ترى أن المُهْلَ لا يَغْلِي في البطون، إنّما يَغْلِي ما يُشَبَّهُ به.

قوله تعالى: {خُذُوهُ}؛ يعني أبا جهل، أي: يقال للزبانية {خُذُوهُ فَاعْتِلُوهُ إِلَى سَوَاءِ الْجَحِيمِ (٤٧) أي: وَسَطِها؛ يعني: سُوقُوهُ وادفعوه الى النار، يقال: عَتَلَهُ يَعْتِلُهُ عَتْلًا: إذا ساقه بالعنف والدفع والجذب، وفيه لغتان: كسر التاء، وهي قراءة أبِي جعفر وأبِي عمرو وأهل الكوفة، وضَمُّها، وهي قراءة الباقين (٢).

قوله: {ثُمَّ صُبُّوا فَوْقَ رَأْسِهِ مِنْ عَذَابِ الْحَمِيمِ (٤٨)} وهو الذي قد غَلِيَ حَتَّى انتهى حَرُّهُ؛ لِيَغْلِيَ دِماغُهُ، ويقال له: {ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ (٤٩)} يعني أبا جهل -لعنه اللَّه- (٣)، وذلك أنه كان يقول: أنا أعَزُّ أهْلِ الوادي وأكْرَمُهُمْ، فيقول له الخَزَنةُ: ذُقْ هذا العذابَ أيها المُتَعَزِّزُ المُتَكَرِّمُ في زَعْمِكَ، وهذا القول أمْرٌ وَرَدَ على طريق الاستخفاف والإهانة والتوبيخ، لا على طريق الاستحقاق والتحقيق، قرأ العامة: "إنّكَ" بكسر الألف على الابتداء، وقرأه الكسائي بالنصب (٤) على معنى: لأنك أو: بأنك.


(١) الحجة ٣/ ٣٨٧ باختلاف في ألفاظه، وينظر: المسائل العضديات ص ١١٦.
(٢) ينظر: السبعة ص ٥٩٢، ٥٩٣، البحر المحيط ٨/ ٤٠، النشر ٢/ ٣٧١، الإتحاف ٢/ ٤٦٤، وينظر في هاتين اللغتين: معانِي القرآن للنحاس ٦/ ٤١٤، تهذيب اللغة ٢/ ٢٧٠، الوسيط ٤/ ٩٢.
(٣) ينظر: الكشف والبيان ٨/ ٣٥٦، أسباب النزول ص ٢٥٣، لباب النقول ص ١٧٤.
(٤) قرأ الكسائيُّ والحسنُ بنُ عَلِيٍّ والحَسَنُ البَصْرِيُّ: {أَنَّكَ} بفتح الهمزة، ينظر: السبعة ص ٥٩٣، تفسير القرطبي ١٦/ ١٥١، البحر المحيط ٨/ ٤٠، الإتحاف ٢/ ٤٦٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>