وكونه شبيها بالشرط والجزاء هو قول الفراء والأخفش، فقد قال الفراء: "وقوله: {قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا} معناه في الأصل حكايةٌ بمَنْزِلةِ الأمر، كقولك: قُلْ للذين آمنوا اغْفِرُوا، فإذا ظهر الأمرُ مُصَرَّحًا فهو مجزوم؛ لأنه أمرٌ، وإذا كان على الخبر مثل قوله: {قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا}، و {وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا}، و {قُلْ لِعِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا يُقِيمُوا الصَّلَاةَ}، فهذا مجزوم بالتشبيه على الجزاء والشرط". معانِي القرآن ٣/ ٤٥، وقال مثله في المعاني ١/ ١٥٩، ٢/ ٧٧، وينظر: معانِي القرآن للأخفش ص ٧٥، ٣٠٦. وقد رُدَّ هذا بأنه يَصِيرُ المعنى: قُلْ لِعِبادِي، فَإنْ تَقُلْ لَهُمْ يُؤْمِنُوا، وهذا لا يجوز؛ لأن العباد كُلُّهُمْ لَمْ يؤمنوا، وذهب الكسائي والزجاج إلى أن {يُقِيمُوا} مجزوم بلام الأمر المقدرة، والأصل: لِيَغْفِرُوا، ينظر: معانِي القرآن وإعرابه ٣/ ١٦٢ - ١٦٣، وقول الكسائي في المسائل المنثورة للفارسي ص ١٥٩. وأما البصريون فإنهم يجعلونه مجزومًا على جواب الأمر المقدر، والمعنى: قل للذين آمنوا اغْفِرُوا يَغِفْرُوا، قال سيبويه: "وتقول: قُمْ يَدْعُوكَ؛ لأنك لَمْ تُرِدْ أن تجعل دُعاء بعد قيامه، ويكونُ القيام سَبَبًا له، ولكنك أردتَ: قُمْ إنّهُ يَدْعُوكَ، وإن أردت ذلك المعنى جَزَمْتَ. . . وتقول: مُرْهُ يَحْفِرْها، وقُلْ له يَقُلْ ذاك، وقال اللَّه تعالى: {قُلْ لِعِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا يُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ}. الكتاب ٣/ ٩٨ - ٩٩، وينظر: المقتضب للمبرد ٢/ ٨١، معانِي القرآن وإعرابه ٣/ ١٦٣، إعراب القرآن ٣/ ١٤٣، المسائل المنثورة ص ١٥٩ - ١٦٥، المسائل العسكرية ص ١١٦، البيان للأنباري ٢/ ٥٩، ٩٢، التبيان للعكبري ٧٦٩ - ٧٧٥، الفريد ٤/ ٢٨٣ - ٢٨٢. (٢) قاله قتادة، ينظر: معاني القرآن للنحاس ٦/ ٤٢٤، الناسخ والمنسوخ ص ٥٦، نواسخ القرآن ص ٢٢٤.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute