للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَحْكُمُونَ (٢١) أي: بئس ما يقضون حين يرون أن لهم في الآخرة ما لِلْمُؤْمِنِينَ الذين عملوا الصالحات.

قوله تعالى: {وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ} يعني: واضحات من الحلال والحرام، وهو في موضع نصب على الحال {مَا كَانَ حُجَّتَهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا ائْتُوا بِآبَائِنَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (٢٥)} الخطاب للنبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وحده، وقد تقدم نظيره من سورة الدخان (١)، ونصب {حُجَّتَهُمْ} على أنه خبر "كانَ"؛ لأن الحجة والاحتجاج واحد، والاسم قوله: {إِلَّا أَنْ قَالُوا}؛ أي: إلا مَقالَتُهُمْ.

قوله تعالى: {وَتَرَى كُلَّ أُمَّةٍ جَاثِيَةً}؛ أي: مُجْتَمِعةً مُسْتَوْفِزةً على رُكَبِها من هَوْلِ يوم القيامة، وأصل الجُثْوةِ: الجَماعةُ من كل شيء (٢)، قال طرفة يَصِفُ قَبْرَيْنِ:

٢٣٩ - تَرَى جُثْوَتَيْنِ مِنْ تُرابٍ عَلَيْهِما... صَفائِحُ صُمٌّ مِنْ صَفِيحٍ مُنَضَّدِ (٣)

قال سفيان (٤): المُسْتَوْفِزُ: هو الذي لا يُصِيبُ الأرضَ منه شَيْءٌ إلّا رُكْبَتاهُ وأطْرافُ أصابِعِهِ.


(١) الآية ٣٦، وهي قوله تعالى: {فَأْتُوا بِآبَائِنَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ}، وينظر ما تقدم ٣/ ١٦.
(٢) قاله الثعلبي في الكشف والبيان ٨/ ٣٦٦، وينظر: تفسير القرطبي ١٦/ ١٧٤، والمُسْتَوْفِزُ: القاعِدُ قُعُودًا غَيْرَ مُطْمَئِنِّ، والوَفَزةٍ: العَجَلةُ. اللسان: وفز.
(٣) البيت من الطويل لِطَرَفةَ بن العبد، من معلقته.
اللغة: الجُثْوَتانِ: تثنية جُثْوةٍ، وهي كومة من تراب متجمع كالقبر، الصَّفائح: حجارة رِقاقٌ عراض، صُمٌّ: شديدة صلبة، نَضَدَ المتاعَ: جعل بعضه على بعض، والتنضيد: مبالغة فيه.
التخريج: ديوانه ص ٥٣، غريب الحديث للهروي ٣/ ٢٠٥، جمهرة اللغة ص ٤١٦، ١٠٣٤، معانِي القرآن للنحاس ٦/ ٤٣، تهذيب اللغة ١١/ ١٧١، الكشف والبيان ٨/ ٣٦٦، أساس البلاغة: جثو، عين المعانِي ١٢١/ ب، تفسير القرطبي ١١/ ١٣٣، ١٦/ ١٧٤، اللسان: جثا، البحر المحيط ٨/ ٥٠، الدر المصون ٦/ ١٣٢، التاج: جثا.
(٤) ينظر قوله في شفاء الصدور ورقة ١٢/ ب، تفسير القرطبي ١٦/ ١٧٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>