للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن قرأ: "بِدَعًا" (١)؛ أي: لأُبْدِعَ، والبدْعُ والبَدِيعُ من كل شيء: المُبْتَدَأُ، يقال: ابتدع فلان كذا: إذا أتى بما لَمْ يكن قَبله (٢)، والبدْعُ: ما اخْتُرِعَ بما لَمْ تَجْرِ به السُّنّةُ، وجمع البِدْعِ أبْداعٌ (٣).

{وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلَا بِكُمْ (٩)} يعني: في الدنيا، يريد: هل أموت أم أُقْتَلُ؟ وهل تُرْمَوْنَ بالحجارة من السماء أم تُخْسَفُ بكم الأرضُ كما فُعِلَ بالأمم المُكَذِّبةِ مِنْ قَبْلِكُمْ؟ وأما فِي الآخرة فقد عَلِمَ أنه فِي الجنة، وأنّ مَنْ كَذَّبَهُ في النار بدليل قوله تعالى: {لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ} (٤).

قوله تعالى: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كَانَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ} يعني القرآن {وَكَفَرْتُمْ بِهِ} شاهذا على صِدْقِ محمدٍ -صلى اللَّه عليه وسلم- في نبوته، وقوله: {وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى مِثْلِهِ} المِثْلُ صلة، معناه: عليه (٥)؛ أي: على أنه من عند اللَّه {فَآمَنَ} يعني الشاهد {وَاسْتَكْبَرْتُمْ} أنتم عن الإيمان {إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (١٠)} لِدِينِهِ وحُجَّتِهِ.


(١) هذه قراءة مجاهد وأبِي حَيْوةَ، ورُوِيَ عنهما وعن عكرمة وابن أبِي عبلة: "بِدَعًا" بكسر الباء وفتح الدال جمع بِدْعةٍ، ينظر: مختصر ابن خالويه ص ١٤٠، المحتسب ٢/ ٢٦٤ - ٢٦٥، تفسير القرطبي ١٦/ ١٨٥، البحر المحيط ٨/ ٥٧.
(٢) من أول قوله: "والبدع والبديع" رواه النحاس عن المبرد في إعراب القرآن ٤/ ١٦٠.
(٣) قاله الأخفش، ينظر قوله في الصحاح للجوهري ٣/ ١١٨٤، وينظر أيضًا: تفسير القرطبي ١٦/ ١٨٥، اللسان: بدع، البحر المحيط ٨/ ٥٧، التاج: بدع.
(٤) الفتح ٢، وهذا قول الحسن، ينظر: الوسيط للواحدي ٤/ ١٠٤، عين المعاني ورقة ١٢٢/ أ.
(٥) المِثْلُ صِلةٌ إذا كان المراد بالشاهد عبدَ اللَّه بنَ سَلامٍ، وهذا ما قاله ابن فارس والواحدي وغيرهما. ينظر: الصاحبي ص ٣٣٩، الوسيط ٤/ ١٠٤، تفسير القرطبي ١٦/ ١٨٩، اللباب في علوم الكتاب ١٧/ ٣٨٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>